نظرية
التعلم ذي المعنى: أوزوبل
إن إسهام دافيد
أوزوبل الأساسي في علم النفس يقع في مجال التعليم اللفظي ذي المعنى.
معنى المادة المتعلمة :
يرى أوزوبل أن
عمل المدرسة يتلخص في تحديد المعارف المنظمة المستقرة الواضحة التي تتألف منها
العلوم المختلفة وعمل المربي أن ينقل هذه المعارف بطريقة تمكن المتعلم من
استيعابها في نسقه عن فهم وإدراك لمعانيها بحيث تصبح وظيفية بالنسبة له . والمعنى
ما هو إلا خبرة شعورية متمايزة بدقة ومحددة بوضوح تنبثق لدى الفرد حين تتصل
العلامات والرموز والمفاهيم والقضايا بعضها ببعض ويتم استيعابها في بنائه المعرفي
ويعتمد التعلم ذو المعنى على طبيعة المادة التي يتعلمها الفرد وعلى توافر محتوى
مناسب في بنية الفرد المعرفية.
ولقد أكد أوزوبل
على أهمية الشخص في هذه العملية إذ يقول أن البنية المعرفية لتلميذ معين ينبغي أن
تشتمل على المحتوى الفكري المناسب والقدرات المطلوبة. وهذه العوامل السابقة خاصة
بالفرد ومن هنا فإن مغزى المادة المتعلمة سوف يختلف باختلاف عوامل مثل عمر المتعلم
ونسبة ذكائه ومهنته والمادة الدراسية التي يتعلمها والطبقة الاجتماعية التي ينتمي
إليها والثقافة التي هو عضو فيها .
ويرى أوزويل أن
ثمة طريقتين يكتسب التلميذ بهما المعلومات :
1 – التلقي Reception
:
كما يحدث حين يقرأ التلميذ كتابا ً ويتلقى من خلاله معلومات مترابطة تم تشكيلها أو
كما يحدث حين يستمع إلى محاضرة ذات أفكار مترابطة .
2 – الاكتشاف Discovery
:
ويستخدم التلميذ هذه الطريقة حين يكون المعنى ناقصا ً أو غامضا ً فيقوم التلميذ
بتحديد العلاقات بين المفاهيم واستخلاص المعاني .
ويتعلم
التلاميذ المواد اللفظية بطريقتين :
1 – الحفظ الصم :
وهنا يكرر التلميذ المعلومات بدون فهم حتى يحفظها حفظا ً آليا ً .
2 – استيعاب المعنى :
وهنا يتمثل التلميذ ما تحتوي عليه المواد اللفظية من معلومات وما تتضمنه من أفكار
.
وإذا
جمعنا بين التصنيفين السابقين يصبح لدينا أربعة أنواع من المادة التعليمية اللفظية
لكل منها عملية تناسبه وهي كما يلي :
1 – عملية تلقي ذي معنى Meaningful
reception learning :
وفيها يتلقى التلميذ المعومات معدة ومرتبة منطقيا ً فيقوم بتحصيل معانيها وربطها
بخبراته .
2 – عملية تلقي صم Rote
reception learning : وبها
يحصل التلميذ المعلومات في صبغة منتظمة تامة ويحفظها كما هي دون التأمل فيها أو
ربطها بما لديه من رصيد من الخبرات .
3 – عملية اكتشاف ذي مغزى Meaningful
discovery learning : وبها يكتشف
التلميذ العلاقات بين المعلومات والبيانات المقدمة له وهو يستوعب خلال ذلك معاني
هذه البيانات عن طريق ربط خبراته الجديدة بخبرته المعرفية السابقة .
4 – عملية اكتشاف صم Rote
discovery learning : وفيها يقوم
التلميذ بالبحث عن حل لمشكلة مطروحة عليه على نحو مستقل ولكنه يستوعب الحل دون أن يربطه
بخبراته المعرفية الماضية ( جابر ، 404 – 407 )
تعليم المفاهيم :
يميز أوزويل
بين تكوين المفهوم واستيعابه .
تكوين المفهوم :
عملية تجريد
الملامح الأساسية المشتركة من فئة من الأشياء أو الوقائع تختلف في السياق في جوانب
غير أساسية أو في أبعاد أخرى غير تلك التي ندخلها في الاعتبار .
وير ى أوزويل من منظور نمائي أنه في أي
مرحلة من مراحل نمو الطفل يوجد تباعد واضح بين الخصائص الأساسية التي اكتشفها
التلميذ ( والتي تضفي على المفهوم المعنى السيكولوجي ) والخصائص الأساسية التي
تحدد المعنى المنطقي للمفهوم .
استيعاب المفهوم Concept assimilation :
إن تكوين
المفاهيم كما وضحناه من قبل يمثل التعلم عند الأطفال الصغار غير أنه بعد مضي
السنوات السابقة على الالتحاق بالمدرسة يتعلم الطفل معظم الكلمات التي تطلق على
المفاهيم عن طريق تعريفها والتعرض لها في سياقات مناسبة والتعريف يزود التلميذ
بالخصائص الأساسية للمفهوم ويعبر عنها بألفاظ واضحة المعنى والتعلم بالتعريف شكل
من أشكال تعلم القضايا وتعلم القضايا يتضمن تعلم فكرة مركبة جديدة مصوغة في جملة
وحين يكتسب التلميذ الخصائص الأساسية للمفهوم من خلال تعريفه بدلا ً من اكتسابها
عن طريق الاكتشاف ( كما في تكوين المفهوم ) فإننا نطلق على هذا النوع من التعلم
استيعاب المفهوم ويتقدم الطفل في النمو يصبح للتعلم بالتلقي الأسبقية على التعلم
بالاكتشاف في اكتساب المفاهيم وبعد التحاق الطفل بالمدرسة تتزايد نسبة المفاهيم
التي يكتسبها عن طريق التعريف أو من خلال سياق ورودها .
ومتى وصل الطفل
إلى سن المدرسة فإن استيعاب المفهوم على نحو تدريجي يصبح المنوال السائد لاكتسابه
على الرغم من أن تكوين المفهوم ممكن في أي مستوى عمري إلا أنه عادة يميز مرحلة
النمو المعرفي قبل المدرسة .وتكتسب المفاهيم الثانوية بالاستيعاب لأنها تستلزم
نضجا ً عقليا ً كافيا ً حتى يمكن ربط البنية المعرفية بالخصائص الأساسية المجردة
لفكرة جديدة عامة أو شاملة ولما كانت هذه الدرجة من النضج غير متوافرة ولا موجودة
قبل بلوغ الطفل سن المدرسة وعن طريق تدعيم الفكرة الأمبريقية العيانية فإن البديل
الأساسي المتاح قبل الالتحاق بالمدرسة هو أن يكتشف الخصائص الأساسية للمفاهيم
بنفسه من خلال قيامه بالعمليات التصورية الضرورية من تجريد وتمييز واشتقاق للفرض
واختبار له وكذلك من خلال التعميم .
مهما يكن من
شيء فإن الطفل متى استطاع أن يربط ربطاً ذا معنى الخصائص الأساسية لمفهوم جديد
ببنيته المعرفية دون حاجة إلى ربطه بأمثلة عديدة خاصة توضحه فإنه يستطيع أن يكتسب
المفاهيم بفاعلية أكبر وكفاءة أعظم وحين يصل إلى هذه المرحلة من مراحل النمو يكون
قد اكتسب معظم المفاهيم الأولية التي لها مراجع مدركة ومألوفة .
وخلال سني
المدرسة الابتدائية يظهر لأن النمو الارتقائي للقدرة على استيعاب المفاهيم يعتمد
على الجوانب الثلاثة للنمو المعرفي أو اللغوي التي تحقق الانتقال من العمليات
المعرفية العيانية إلى العمليات المعرفية المجردة وهي كما يأتي :
1-الاكتساب التدريجي للتجريدات ذات
المستويات العليا الأساسية التي تزود الطفل بالخصائص التكوينية والعناصر العلاقية
التي تؤلف الخصائص الأساسية للمفاهيم المعقدة.
2-الاكتساب التدريجي للألفاظ التعاملية
مثل " في حالة " و" شريطة " و " على أساس "
والألفاظ الوظائفية مثل التعبير عن الحيثيات والجمل الشرطية وهي ألفاظ ضرورية
للربط بين المجردات كما تظهر في التعريفات القاموسية للمفاهيم .
3-الاكتساب التدريجي للقدرة المعرفية
التي تجعل في الإمكان ربط الأفكار المجردة بالبناء المعرفي دون حاجة إلى الدعم
الأمبيريقي العياني ( جابر ، 407 – 409 )
السلوك :
إن الهدف
البعيد للتعليم الصفي هو أن يكتسب التلميذ حصيلة معرفية منظمة واضحة مستقرة وهذا
الاكتساب هو إذن المتغير التابع الذي علينا أن نستخدمه لتقدير أثر طرق التعليم
المختلفة في التعلم ذي المعنى وفي الحفظ .
ويوصي أوزوبل
بتعليم المواد الدراسية منفصلة بدلا ً من تعليمها متكاملة واستخدام المنهج المتعدد
المواد وبناء على ذلك ينبغي تعليم الكيمياء والفيزياء وعلم الأحياء كموضوعات
منفصلة بدلا ً من تدريسها متكاملة وموقفه هذا يخالف الاتجاه المعاصر الذي يوصي
بالتنسيق بين المواد المختلفة ويستند إلى فكرة هي أن كل مادة دراسية وكل علم ينمى
من خلال البحث العلمي وأنواع أخرى من النشاط الأكاديمي بناءا ً أو تكوينا ً فريدا
ًخاصا ً به وهذا البناء الفريد لن ينبثق إذا درست المواد متكاملة .
والتعليم
بالتلقي هو ذلك النوع من التعلم الذي فيه يعر ض المحتوى الكلي للموضوع على التلميذ
في صورة نهائية إلى حد ما . ويؤكد أوزويل على أهمية هذا النوع من التعلم لأن أهداف
المنهج كثيرا ً ما تتجاهله وأن الأنواع الأخرى من التعلم تعتمد على التعلم بالتلقي ذي المعنى. والتعلم اللغوي ذو
المعنى مطلوب عند مستوى الفهم وما يعلوه .
1 -هذا النوع من التعلم هو أكثر الأنواع
شيوعا ً وفيه يحول المتعلم المادة قبل استيعابها إلى بنية معرفية .
2 -قد يشمل التحويل المباشر لقضية
معروفة إلى مثال جديد يطبقه على بيانات أو مواد غريبة أو مشتتة لانتباه ويمارس
التحويل في أمثلة متشابهة .
3-لا يوجد تحويل مباشر لقضايا معروفة ويسترشد
تتابع التحويلات باستراتيجية عامة. والقضايا ذات العلاقة بالحل معروفة، ولكن
التحويل لا يمارس لحل المشكلة.
4-استخدام العلاقات البعيدة عن أفكار في
البناء المعرفي مع هذه الأفكار لإنتاج منتجات جديدة. ولا تكون القضايا ذات العلاقة
في البناء المعرفي معروفة مقدماً، كما أن قواعد التحويل ليست ظاهرة.
إن تصنيف
أوزوبل مشتق من عمليات نفسية يستخدمها التلميذ في موقف التعلم ويبرز أوزبل نقطتين
أخريين عند مستوى الفهم.
الأولى: إن
تعلم القضايا عند مستوى الفهم عملية أكثر تعقيداً من التعلم البسيط للمفهوم. ذلك
أن تعلم القضايا يتضمن أو يستلزم ربط المفاهيم ببعضها بحيث تكون وحدات فكرية أكثر
شمولاً.
الثانية: التميز
بين عمليتي التعلم بالاكتشاف والتعلم بالتلقي وهذا التمييز له مضامينه النفسية
والتربوية. وهكذا فإن أوزوبل يعتقد بأنه ليس من المهم فقط أن نقدر ما تعلمه التلميذ
من محتوى وأن نختبره فيه، إذ لابد أن نضيف إلى ذلك تحديد العملية التي تعلم
التلميذ بها هذا المحتوى وقد تكون هذه العملية تلقياً وقد تكون اكتشافاً.
و
يعترف أوزوبل بأن نسقه الفكري بل وكذلك نسق بلوم يواجه صعوبات عند مستوى التطبيق
وذلك لعدم وجود وسائل دقيقة للتميز بين التطبيق والفهم. (جابر، 410-412)
4-
الابتكار
|
3-
حل المشكلات
|
2-
التطبيق
|
1-
التعلم بالاكتشاف
|
التعلم ذو المغزى مقابل التعلم الصم، والتعلم
التلقائي مقابل التعلم بالاكتشاف:
لقد انتقد
أوزوبل أصحاب النظريات والممارسات الذين رأوا أن التعلم بالاكتشاف هو أهم عملية في
التعلم وهذا ينطبق على اتباع بياجيه. ويميز أوزوبل تمييزاً حاداً بين التعلم الصم
والتعلم ذي المعنى، كما يميز بين التعلم بالتلقي والتعلم بالاكتشاف. وهو يختلف مع
علماء النفس التربويين الذين يذهبون إلى أن التعلم المستقل أو بالاكتشاف خطوة
سابقة على فهم المعرفة أو اكتسابها وضرورية لها.
ويمكن أن يكون
التعلم بالتلقي ذا معنى إذا كان لدى المتعلم تهيؤ له ودرس مواداً لها معنى, ويعرف
أوزوبل التعلم بالاكتشاف بأنه ذلك الذي يتطلب من المتعلم أن يكشف المكون الأساسي
لموضوع التعلم قبل أن يستوعبه في بنيته المعرفية. أما التعلم بالتلقي فهو ذلك الذي
يعرض محتواه الكلى على المتعلم في صورة نهائية إلى حد ما.
وعلى الرغم من
أن التعلم بالتلقي لا يتضمن إي اكتشاف مستقل من قبل المتعلم,إلا أنه لا يكون
بالضرورة سلبيا تماما وفي التعلم بالتلقي ينبغي على المتعلم أن:
1-
يصل المادة
الجديدة بأفكار راسخة وثيقة الصلة بها في بنيته المعرفية.
2-
يفهم نواحي
التشابه ونواحي الاختلاف بين المادة الجديدة والمفاهيم والقضايا التي تتصل بها.
3-
يترجم مايتعلمه
ويضعه في إطار مرجعي من خبرته ومفرداته اللغوية.
4-
يصوغ الأفكار
الجديدة التي تتطلب على الأغلب إعادة تنظيم المعرفة الحالية.
والتلقي في
أكثر أشكاله تقدماً كما في استيعاب المفهوم يستلزم مستوى عالي من النضج المعرفي.
و أوزوبل لا
يشوه سمعة التعلم بالاكتشاف حين يؤكد أهمية التعلم بالتلقي لأن التعلم بالاكتشاف
ضروري لتنمية القدرة على حل المشكلات غير أنه يمكن أن يحدث التعلم ذو المعنى
بدونه, ويرى أوزوبل أن التعلم بالاكتشاف قد يكون مفيدا خلال السنوات الأولى من
التعليم المدرسي التي يكون التلاميذ أثناءها عادة المفاهيم, ومهما يكن من شيء فمتى
وصلنا إلى مرحلة التجريد, فإن التعلم اللفظي المفسر يصبح أكثر فاعلية,لأن التعلم
بالاكتشاف يستغرق وقتا طويلا بحيث يتعذر استخدامه كطريقة أساسية للتدريس.
ويرفض أوزوبل
فكرتين تتصلان بهذه النقطة وهما أن التعلم بالتلقي هو تعلم صم، وأن التعلم
بالاكتشاف تعلم ذو معنى، ويرى ضرورة التمييز بين التعلم الصم والتعلم ذي المعنى من
ناحية و التمييز بين التعلم بالاكتشاف والتعلم بالتلقي من ناحية أخرى لان كلا
منهما يمثل بعدا مستقلا عن الآخر ، أي أن التعلم بالتلقي و التعلم بالاكتشاف يمكن
أن يكونا تعلما صما أو تعلما ذا معنى ، ويتوقف ذلك على الظروف التي يتم فيها
التعلم ،فالتعلم ذو المعنى يفترض أن يكون التلميذ قادرا على أن يربط شيئا جديدا
بتعلمه السابق على نحو غير تعسفي و على أساس مضمونة ببنيته المعرفية الحالية ،وان
العمل ألتعلمي ذاته ذو معنى . وهكذا فإن عملية التعلم و نتيجته سوف تكون صما وغير
ذات معنى في حالتين :
1) إذا استوعب المتعلم العمل ألتعلمي الجديد
بطريقة تعسفية أو ببغائية .
2) إذا تألف العمل التعلمي نفسه من ارتباطات
لفظية تعسفية .
وعلى الرغم من
أن التعلم بالتلقي ذا المغزى له أهميته في
نظرية أوزوبل، إلا انه على وعي ببعض عيوبه الممكنة. فإذا حدث التعلم بالصم فإن
المتعلم قد يخدع نفسه و غيره بأن يخلق عندهم الانطباع بأنه عالم ببواطن الأمور من
خلال تعلمه لاستجابات لفظية صماء
ودون إعادة تنظيم لبنيته المعرفية.
ويقترح أوزوبل تعزيز التعلم بالتلقي ذي
المعنى بالتفكير في المادة الدراسية تفكيراً ناقداً حتى يتم التغلب على ما يمكن أن يحدثه التعلم الصم من معرفة
سطحية. ويتطلب التفكير الناقد من المتعلم أن يدرك المسلمات التي تقوم عليها
القضايا الجديدة و أن يمحصها و أن يميز بين الحقائق و الفروض. و يرى أوزوبل أن التفكير
الناقد حالة انتقالية بين التعلم بالاكتشاف والتعلم المفسر ويطلق عليه الاكتشاف
الموجه .
و لكي يتعلم
التلميذ تعلماً ذا مغزى فإنه يحتاج إلى تحصيل مجموعة من الأفكار يمكن أن تصف
المادة الجديدة وتحتويها,وفي نفس الوقت فإنها تزوده بمرتكزات فكرية وهذه الركائز هي
أساس المنظمات التمهيدية (جابر، 414/416).
المنظمات التمهيدية أو
الاستهلالية :
المنظمات مادة
تمهيدية أو استهلالية تعرض على المتعلم في البداية ،وعلى مستوى عال من العمومية و
الشمول والتجريد إذا قورنت بالعمل التعلمي ذاته . وهذه المنظمات تصمم لتزود الفرد
بركيزة معرفية لعمل تعلمي معين . والمنظم التمهيدي يستهدف زيادة القدرة على تمييز
الأفكار الجديدة وما يرتبط بها من أفكار في البنية المعرفية .
ومن ثم فإن
انتقال أثر التعلم المدرسي إلى خارج المدرسة في أساسه هو تشكيل البنية المعرفية
للمتعلم من خلال معالجة محتوى خبرات التعلم السابقة و ترتيبها في مجال دراسي معين
بحيث يسهل تعلم الخبرات اللاحقة إلى أقصى حد.
ويصف أوزوبل
نمطين من المنظمات: الأول النمط الشارح والنمط المقارن ولكل منهما هدف خاص نوعي .
وحين تكون المادة التي علينا تعلمها جديدة وغير مألوفة , فإن المنظم المطلوب هو
المنظم الشارح لأنه يزود التلميذ ببناء تصوري موحد يستطيع أن يربطه التلميذ
بالمادة الجديدة ( أي أنه يستخدم كركيزة فكرية)، أما حين تكون المادة المعروضة
مألوفة للمتعلم، فإن المنظم المقارن هو الذي يساعد المتعلم على إيجاد تكامل بين
المفاهيم الجديدة والمفاهيم المتشابهة لها في الأساس في بنيته المعرفية كما أنها
تزيد من قدرة الفرد على التمييز بين الأفكار الجديدة والأفكار الموجودة لديه.
وتوفر المنظمات
الشارحة للتلاميذ معرفة جديدة يحتاجونها لفهم الدرس. وتضم المنظمات الشارحة
تعريفات للمفهوم وتعميمات. وتعريفات المفهوم تحدد المفهوم وصلته بمفهوم أشمل وتحدد
خصائصه.
والمنظمات
المقارنة هي التي تقدم مادة جديدة وذلك بعقد مقارنات مع مادة مألوفة عن طريق
المماثلات، والمنظمات المقارنة تنشط الشبكات وتربط بينها في ذاكرة التلاميذ بعيدة
المدى.
ولقد أظهرت
البحوث التي أجراها أوزوبل أن المنظمات تحسن التعلم. وتبدو أكثر فاعلية في الدروس
التي صممت لتدريس العلاقات بين المفاهيم. ومن الاعتبارات الأخرى الهامة مستوى نمو
التعلم. فالمنظمات تعمل عملها عند مستويات عامة مجردة وهي تتطلب أن يصل التلاميذ
الأفكار عقلياً، وهذا الوصل يتعدى قدرة الأطفال الصغار. وهذا المدخل التدريس
الاستنباطي يؤدي عمله على نحو أفضل في الصفوف العليا من المدرسة الابتدائية على
الأقل. فالمنظمات قد تساعد التلاميذ على ربط المادة الجديدة بمجموعة أعرض من
الخبرات التي تيسر انتقال أثر التعلم (جابر، 416/419).
دافع الإنجاز:
يعتبر الدافع للإنجاز الدافع الأساسي للتعلم
وله مكونات ثلاثة:
المكون
الأول
هو الدافع المعرفي الذي ينبثق من حاجة الفرد للمعرفة ورغبته في التغلب على حل
المشكلات، ويظل هذا الدافع قوياً طالما كانت المشكلة باقية بغير حل، أو كلما زادت
متطلبات حل المشكلة، وعند حل المشكلة أو إتمام الحل تنخفض حدة الدافع ولذلك فإن
عملية التعزيز غير ضرورية في التعلم.
المكون
الثاني
هو تحسين الذات ويتم ذلك بالإنتاج لأنه الوسيلة لحصول الفرد على مكانة اجتماعية
مرموقة فالفرد يثابر في عمله لا بسب قيمة ما يتعلم من معلومات بل لتحقيق مركز
اجتماعي اختاره الفرد لنفسه أو فرضه المجتمع عليه كما أن الخوف من الرسوب وما
يرتبط به من انخفاض المستوى الاجتماعي يدفع الفرد إلى المثابرة والاجتهاد.
المكون
الثالث
هو الحاجة للانتماء للجماعة واكتساب رضاهم وتقبلهم. فبدون رضا الكبار يصعب على
الفرد اكتساب مكانته في المجتمع.
والمكون الأول
يعتبر فطرياً وقوياً ومع النمو يصبح المكون الثاني قوياً وخاصة في مراحل التعليم
المدرسي. أما المكون الثالث فيصبح قوياً مع نمو الفرد واهتمامه بتوافقه المهني
(جابر، 419/420).
تقويم النظرية:
1-
نظرية التعلم
عند أوزوبل نظرية محددة المجال لأنها تهتم بالتعلم اللغوي وتؤكد على استخدام اللغة
كوسيلة لعرض الأفكار.
2-
النظرية قسمت التعلم على نوعين تعلم بالتلقي
وتعلم بالاكتشاف ولكنها أعطت الأولوية والاهتمام الشديد للنوع الأول.
3-
تشتمل نظرية
أوزوبل على تكوينات فرضية يصعب تعريفها إجرائياً واختبارها بالدراسة العلمية.
4-
تعلي النظرية
من قيمة الدوافع النابعة من الذات ومن هما تعطي للمكون المعرفي لدافع الانجاز
الأولوية. ولكن تفرقتها بين تحسين الذات والحاجة إلى الانتماء غير واضحة لأن هدف
كل من المكونين هو محافظة الفرد على مركزه الاجتماعي ومكانته.
5-
تقف النظرية من
التعزيز موقف الرفض، ولكن السؤال هو أليس حل المشكلة أو إكمال العمل نوع من
التعزيز نابع من الذات أو صادر من الخارج؟ أليس تقبل المجتمع للفرد نوع من التعزيز
الاجتماعي؟ (جابر، 420).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق