الاثنين، 27 أبريل 2015

نظرية فيجوتسكي النظرية المعرفية الاجتماعية التاريخية


النظرية المعرفية الاجتماعية التاريخية




المقدمة:


ركز بياجيه على التأكيد على  عملية التطور المعرفي التي يقوم من خلالها الأطفال على التحقق والاكتشاف وإعادة الاكتشاف في عالمهم. وعلى الرغم من أن بياجيه اعترف بأهمية العوامل الاجتماعية وخاصة الآباء والأقران  في العملية المعرفية، إلا أن نظريته ركزت على ما يعتقد على أنها عمليات ومراحل عالمية في نضوج الإدراك وتطوره من الطفولة حتى المراهقة. في المقابل فيجوتسكي كثيرا ما أشار إلى التفاعل، حيث جادل بأن التطور لا يمكن فهمه إلا في اطار اجتماعي- تاريخي. ركز في صميم عمله على التفكير، وخاصة في مرحلة الطفولة، والتي ربطها بتطور اللغة والكلام.
تعتمد عملية تطور تفكير الطفل على مدى تمكنه من الوسائل الاجتماعية في التفكير وذلك عبر براعته في النطق. أطروحته هذه نابعة من المقارنة بين تطول الكلام الداخلي والتفكير اللفظي عند الإنسان وبين تطور الكلام والتفكير لدى عالم الحيوان والمراحل المبكرة من الطفولة.
توضح هذه المقارنة بأن التعلم السابق يوضح أو يشرح الاستمرارية البسيطة في التعلم اللاحق. أنواع عديدة من التطورات تتغير أو تتحول من الشكل البيولوجي الى الشكل الاجتماعي التاريخي من التطور.
وكمعظم المنظرين والفلاسفة في عصره كان فيجوتسكي يحاول حساب أو فهم تطور العمليات العقلية العليا من أبسط أشكالها. فقد رأى التطور على انه يتبع مسار متواصل من الحيوانات إلى البشر وأيضا مسار غير متواصل. يمكن التوصل إلى ذلك من نظريته "العمليات العقلية الطبيعية أو المتدنية" والتي يمكن ملاحظتها في السلوك الحيواني وسلوك حل المشكلات عند الأطفال الرضع والأطفال الصغار، والعمليات العقلية العليا التي تظهر عندما يواجه الأطفال ويتقنون الأدوات الثقافية لمجتمعهم. كما اعتبر أن البشر عبر الثقافات متشابهين ويتشاركون في الخصائص الشخصية الأساسية والبنية الجسدية لأنظمة الرمز الثقافي التي يتعرضون لها، والتي تشكل سلوكهم وطريقة تفكيرهم.
العمليات العقلية العليا وخاصة اللغة والمعاني، تنشأ من تفاعل الطفل المستمر ضمن السياق الاجتماعي والتاريخي والثقافي، بالإضافة إلى النضج البيولوجي للطفل. الطفل والثقافة يتشابكون بشكل معقد أثناء عملية التفاعل الاجتماعي. تبدأ مرحلة جديدة من الفهم في العلاقات البين شخصية عندما يقوم اثنان من الأشخاص " طفل وشخص بالغ" بتنسيق تفاعلاتهما، يؤدي التفاعل بين الأفراد إلى تشكيل الإطار الداخلي لعقلية الطفل. وخلال التفاعل المتواصل مع الآخرين يقوم البالغين والأطفال الأكبر سنا بالتقدم وتطوير مستويات الفهم لديهم. ومع مرور الزمن فان إتقان هذه الأدوات الثقافية تسمح للأفراد بتغيير بيئتهم وتوجيه وتنظيم وإعادة تعريف أنفسهم.

السياق التاريخي:-
عاش سيمون فيجوتسكي حياة قصيرة لكنها مثيرة للغاية. ولد في عائلة مهنية في عام 1896 (في نفس السنة التي ولد فيها جان بياجيه) . والده كان يعمل مصرفيا، ووالدته كانت معلمة، ولد في عائلة مكونة من ثمانية أطفال، حياة العائلة كانت مثيرة للاهتمام مع العديد من الأمسيات التي قضيت في محادثات ونقاشات حية. عندما كان فيجوتسكي مراهقا كان يعرف باسم "الأستاذ أو البروفيسور الصغير" لأنه كان يحب تنظيم المناظرات والمحاكمات الصورية  كان أصدقاؤه يؤدون أدوار الشخصيات التاريخية مثل نابليون وأرسطو .
أحب قراءة الأدب والتاريخ والشعر . في عام 1917 تخرج من جامعة موسكو بتخصص الأدب، بعد ذلك كتب أطروحة عن هاملت شكسبير.
 من عام 1917 إلى 1923 درس الأدب وعلم النفس في كلية المعلمين في غوميل حيث كان قد درس فيها في سن المراهقة.
في عام 1924 قدم فيجوتسكي كلام ملهم عن الرابط بين المنعكسات الشرطية، والسلوك الواعي. وقد تأثر بشدة في ألكسندر لوريا الباحث في معهد موسكو لعلم النفس. الكسندر لوريا أوصى بإعطاء فيجوتسكي منصب في المعهد. وكان هذا بداية عمل فيجوتسكي المكثف كباحث ومربي وطبيب ممارس. كرس فيجوتسكي جهوده بالتعاون مع لوريا واليكسي لصياغة نظرية متكاملة في علم النفس بحيث كانت متوافقة مع مبادئ الفلسفة السياسية لماركس وأنجل.
أصيب فيجوتسكي بالسل في وقت ما خلال عودته على جوميل ومات عام 1934. بعض أعمالها نشرت بعد وقت قصير من وفاته، ولكن من عام 1936 إلى عام 1956 حظرت أعماله من قبل حزب الشيوعية. نتيجة لذلك العديد من أفكار نظريته كانت بطيئة في الوصول إلى جمهور الغرب الأوسع نطاقا. نشر اول كتاب له التفكير واللغة  في روسيا عام 1934  
ولكن لم يترجم إلى الانجليزية إلا في عام 1962.
دخل فيجوتسكي مجال علم النفس في الوقت الذي كان فيه فجوة أو انقسام بين الذين يدرسون علم نفس الدماغ، وردود الفعل، والأنظمة الحسية (علم النفس كعلوم الطبيعية)، وبين مدرسة الجشطالت الذين يدرسون العمليات العقلية العليا، و خاصة إعطاء القدرات التكاملية لصنع المعنى والتفسير (علم النفس كعلوم عقلية ) .
كان قارئا نهما، وقام بعمل اتصالات دولية نشطة مع العلماء والباحثين الذين أثروا على تفكيره الخاص. كان على اطلاع على أعمال دارون وبياجيه وفرويد، وفي أغلب الأوقات كان يقارن مفاهيمه الخاصة بمفاهيمهم. قام بصياغة فرضيته بناءا على بحوث علماء الحيوان الذين يدرسون العلاقة بين الغرائز والتفكير والذكاء. والمتخصصين في وصف الأعراق البشرية الانثوغرافيون ( علم النفس التطبيقي) الذين درسوا تفكير وسلوك الأفراد في المجتمعات التقليدية، بالإضافة إلى علماء النفس المقارن الذين انشأوا وصف تجريبي لسلوك الحيوانات في حل المشكلات .
فيجوتسكي تأثر بعمق بكتابات ماركس وأنجل. نظرية ماركس المادية التاريخية التي تقول بأن التغيرات في الوعي والسلوك البشري هي نتيجة للتغيرات في المجتمع والحياة المادية. اهتم بشكل خاص بقدرة الإنسان على استخدام الأدوات والإنتاج. وادعى بأن عملية الإنتاج هي عملية اجتماعية بطبيعتها حيث يتعاون الناس لكي تنمو الأشياء.، ومن أجل البناء وحماية أو دعم ممتلكاتها. وقال بأنه يعتقد بأن قيم الناس وأفكارهم والعمليات المعرفية العليا كانت نتاج حياتهم المادية التي هي عبارة عن طريقتهم في العيش، والعمل، والإنتاج وتبادل السلع. اقترحت نظرية ماركس أن التاريخ يعكس عملية جدلية – شروط تغير الإنتاجية عبر الزمن. الأدوات والتكنولوجية الجديدة تدخل في صراع مع الأنماط الحالية للإنتاج. نتيجة لذلك النظم الاجتماعية والاقتصادية الجديدة أدت إلى ظهور قيم ومعتقدات جديدة. وأكد على أنه يجب اعتبار كل الظواهر في طور التغير، وأنها تتأثر بالمتغيرات التاريخية في المجتمع وبالحياة المادية أو التكنولوجية ، ومن أجل فهم السلوكيات المعاصرة يجب على المرء إعادة بناء أصول ذلك السلوك ومسار تطوره من الأبسط إلى السلوكيات الأكثر تعقيدا. وبالتالي مساهمات ماركس انتقلت إلى فيجوتسكي وشملت الالتزام بتحليل الإنمائية المتضمنة في السياقات الاجتماعية والتاريخية.
توسع تركيز ماركس على أهمية الأدوات كوسيلة للإنتاج . كتب انجل عن العلاقة بين الأدوات والتطور. وأشار إلى أن استخدام الأدوات يؤدي إلى زيادة في الوعي البشري. مع اختراع الأدوات المبكر دفع البشر إلى طرق جديدة لدراسة الكائنات في بيئتها من أجل تقييم مدى توافقها مع الأدوات الموجودة أو الطرق التي يمكن للأدوات من خلالها أن تتغير الكائنات. الأدوات أدت إلى احتياجات جديدة للتواصل والتفاعل الاجتماعي. الأدوات جلبت نظرة جديدة للبيئة كشيء يمكن تحسينه لتلبية احتياجات الإنسان. القدرة على تنظيف الأرض وزراعة المحاصيل وحصادها جلبت قدرات معرفية جديدة في التخطيط وتوقع الاحتياجات المستقبلية. وفقا لأنجل ساعدت الأدوات الجديدة في إنتاج قدرة معرفية جديدة "الأداة ترمز تحديدا إلى النشاط البشري، وتحول الإنسان في الطبيعة: الإنتاج" 
ومن هذه الرؤية الحاسمة تابع فيجوتسكي فكرة " الأدوات الثقافية" مثل اللغة، والكتابة، ونظام الأعداد والتي بمجرد الحصول عليها أدت إلى تغيير وتطوير القدرات المعرفية المعقدة للأدوات الرمزية وهي مبدئيا تعبر عن المظهر الخارجي للإنسان وهي نتاج العملية الثقافية، ولكن هذه الأدوات تصبح داخلية تدريجيا وتغير للشخص طريقة تفكيره أو طريقة تفكيرها "لكن الأدوات تؤثر على مستخدميها: اللغة مثلا كانت تستخدم في البداية كأداة تواصل ومن ثم عملت على تشكيل عقول أولئك الذين تكيفوا مع استخدامها". (برونر، 1987).
عمل فيجوتسكي على إنشاء علم نفس متكامل من السلوك المعرفي، والذي يعترف بتفاعل الآليات العصبية، وتاريخ تنمية الإدراك من أشكاله البسيطة إلى الأشكال الأكثر تعقيدا، ودور المجتمع في التأثير على ظهور القدرات المعرفية العليا. (فيجوتسكي، 1978).
وضع فيجوتسكي تركيزه القوي على اللغة كأداة ثقافية تسمح للشخص بتعديل وضع التحفيز كجزء من عملية الاستجابة. كما كرس جزء كبير من حياته المهنية في وضع تصور للاستراتيجيات التعليمية للحد من الأمية ودعم أدوات اللغة بين الأطفال والبالغين الذين يعانون من الإعاقة العقلية والجسدية.

المفاهيم الرئيسية:
قد فيجوتسكي أربعة مفاهيم رئيسية وهي: الثقافة كوسيط للبناء المعرفي، الانتقال من التفكير الداخلي إلى التفكير الخارجي، الخطاب الداخلي، منطقة النمو الأدنى.

الثقافة كوسيط للبناء المعرفي:
تتكون الثقافة من المحيط المادي مثل الأدوات والتقنيات، ومن نظام المحاكاة مثل المعتقدات والتقاليد والمعلومات والعلاقات الاجتماعية. وذلك ضمن مجموعات ثقافية واسعة مع وجود ثقافات فرعية تمتلك أنماط فريدة ولكنها مشتركة في السلوك والقيم والأهداف. عندما ناقش فيجو تسكي فكرة أن التطور المعرفي لا يمكن فهمه إلا في سياق اجتماعي لفت انتباهنا إلى هذا الشعور السائد في للثقافة. فكر للحظة بالطرق العديدة التي تتشكل بها الثقافة ، محتوى التفكير، عمليات التفكير التي يتم من خلالها تطوير الأفكار. فمثلا محادثة بسيطة بين الأم والطفل، أو الموقف الذي يحاول فيه الأخ الأكبر سنا أن يرشد الأخ الأصغر سنا، تشمل طبقات من المعتقدات والاستراتيجيات الثقافية حول ما يعتقد الطفل: المهارات التي يتم تشجيعهم على تحقيقها، مصادر المعلومات المتوفرة لديهم، كيفية مشاركة تلك المعلومات، نوعية النشاطات التي يسمح للأطفال والمراهقين والبالغين المشاركة فيها، والحدود التي توضع للمشاركة في أطر معينة أو أشكال معينة من التفاعلات. قدم بخورست (بخورست، 1996) ملخص مفيد لنموذج فيجوتسكي: يدخل الطفل البشري العالم الغني أو الموهوب من الطبيعة بقدرات عقلية بدائية، غير أن الوظائف العقلية المكونة من الوعي البشري تتجسد في الممارسات الاجتماعية لمجتمع الطفل. تماما كما في البداية يتم الحفاظ على الوظائف الجسدية للطفل إلا من خلال الاتصال مع نظام الاستقلالية خارج الطفل. بحيث يتم إنشاء حياته / حياتها النفسية من خلال تقليد مجموعة من الممارسات الخارجية. فقط عندما يتشرب الطفل أو يصبح خبير في تلك الممارسات هو/هي ينتقل إلى مرحلة الخضوع للإدراك في الخبرة أو الفكرة.
من العديد من عوامل الثقافة التي تشكل الخبرة، كان هناك عامل معين أثار اهتمام فيجوتسكي وهو فكرة الأدوات والرموز كاختراعات إنسانية شكلت الفكر. الأدوات التكنولوجية كأدوات الحرث، والسيارات، والأسلحة والرموز التي يشار إليها أحيانا بالأدوات النفسية مثل نظام الرموز، ونظام الحساب، واستراتيجيات التذكر، وتعديل علاقة الطفل بالبيئة. عن طريق استخدام الأدوات غير الإنسان طريقته في التنظيم والتفكير حول العالم. من وجهة نظر فيجوتسكي، تعتبر الأدوات كوسيلة يتم من خلالها تشكيل وتعديل العقل البشري على مدار التاريخ. استنادا إلى العديد من الدراسات التجريبية في مجالات الذاكرة والتصنيف والانتباه، تمكن فيجوتسكي من إظهار أن الأطفال يتبعون مسار مشترك في تطوير العمليات العقلية العليا. أولا في الأعوام الأولى من العمر لا يكون هناك أي استخدام منهجي للأدوات الثقافية مثل الكلمات، والصور، أو الرموز الأخرى لمساعدتهم في حل مشاكلهم. في المرحلة الثانية كان بإمكانهم استخدام الأدوات الثقافية، على سبيل المثال قدرتهم على تذكر كلمة من خلال صور أعطيت لهم، لكن لم يكن باستطاعتهم فرض أو إنشاء مساعدات رمزية بفعالية إذا لم تقدم لهم. في المرحلة الثالثة استطاع الأطفال إنشاء روابط خاصة بهم بين الصور والكلمات التي يجب أن يتذكروها. أو إيجاد استراتيجيات جديدة تساعدهم على تذكر الكلمات أو تصنيف الأشياء. في المرحلة النهائية يتشرب الطفل هذه الأدلة ولم يعد الاعتماد على الأدوات النفسية لمساعدتهم في عملهم. في نهاية المطاف تتوسط الأدوات الثقافية المهام وتدعم مستويات جديدة من السلوك والذي يظهر أكثر تكاملا وتلقائية.
(فيجوتسكي،1928، كما أشير إليه في ديرفير وفالسينر ،1991).
أكد فيجوتسكي بالتحديد على اللغة كنظام رمزي عمل على تغيير الإدراك البشري بشكل كبير. تبدأ اللغة كعملية اجتماعية تربط بين الأفراد في المقام الأول، ومن ثم تصبح الأداة التي توجه النشاط العقلي. من خلال اللغة يستطيع الأطفال تذكر الماضي، خلق استراتيجيات حل المشكلات، تنظيم وتصنيف الخبرات، أيضا يمكنهم التحدث عن المستقبل والتخطيط له. ناقش فيجوتسكي " اللحظة الأكثر أهمية في سياق التطور الفكري، تلك اللحظة التي يتولد فيها الذكاء العملي المجرد للأشكال الإنسانية البحتة، وذلك عند تقارب الخطاب والنشاط العملي وهما خطين مستقلين تماما".
وأخيرا توصل فيجوتسكي إلى استنتاج مفاده أن الكلمة تعني وحدة واحدة من التحليل والتي تربط الكلام بالتفكير . فالكلمة بدون معنى ليست كلمة وإنما مجرد صوت. في نفس الوقت تعتبر الكلمة ذات المعنى كمفهوم، ومن ثم فإن معنى الكلمة في كل من الخطاب والمعرفة تعتبر انعكاس للواقع لا يمكن إنكاره.
يتميز وعي الإحساس والتفكير من خلال أنماط مختلفة تعكس الواقع. وهناك أنواع مختلفة من الإدراك والشعور، وبالتالي التفكير والتعبير والكلام هما المفتاح لفهم طبيعة الإدراك البشري. إذا كانت اللغة قيمة بقدر الإدراك نفسه، وإذا كانت اللغة مدركة وتمارس بشكل واعي من قبل الآخرين ومن قبلي فهذا يعني بأنه ليس فقط تطور الفكر وإنما تطور الوعي والإدراك مرتبط بتطور الكلمة. الكلمة هي أكثر المظاهر المباشرة للطبيعة التاريخية للإدراك البشري. (فيجوتسكي، 1987).
فكرة أن الكلمات عبارة عن وحدات تدمج بين التعبير والفكر والتي تعكس الإدراك البشري توضح وجهة نظر فيجوتسكي وفقا لنظريته. توحد الكلمة العالم الداخلي وعالم الشخصية إنها تجمع بين تاريخ الماضي والحاضر. الكلمة لها تاريخ تطوري لأنها تنشأ من الأعمال التي تصبح ذات مغزى اجتماعي ويمكن تسميتها.

من العمليات العقلية الداخلية إلى العمليات العقلية الخارجية.
From Intermental to Intramental.
ربما يتعارض مع الفطرة السليمة، قال فيجوتسكي أن مستويات الوظائف العقلية العليا تبدأ من النشاط الخارجي أو التفاعلات الخارجية والتي يتم بناءها تدريجيا ومن ثم تصبح داخلية. ولقد أعطى مثالا لافتا: ادعى أن الطفل الرضيع في البداية سوف يصل إلى الأشياء التي تكون بعيدا عن متناول يده بشكل مباشر ويقوم بحركات مدركة من الأصابع. هذه الحركات موجهة مباشرة نحو الهدف ولكن عندما تلاحظ الأم أن الطفل يريد شيء ما وهي غير قادرة على تلبية طلبه يبدأ الطفل بتعديل الحركة والوصول إلى إدراك مغزى اجتماعي مثير للانتباه. فهم الأم لهذه الاماءة أو الإشارة وتنسيق عمليات التفكير الخارجية بين الأم والطفل وفقا لفيجوتسكي هي نتيجة قيام الطفل بعملية تفكير داخلية. فهم العلاقة الخاصة في هذه الحالة بين الهدف المطلوب والأم كوسيط ، و الاماءة كعلامة ذات مغزى: كل وظيفة في التطور الثقافي للطفل تظهر مرتين: أولا على المستوى الاجتماعي (بين شخصي)، ومن ثم على المستوى الفردي (داخل النفس)، هذا ينطبق أيضا على الانتباه الإرادي، والذاكرة المنطقية، وعلى تشكيل المفاهيم، جميع الوظائف العليا تنشأ من العلاقات الفعلية بين الأفراد.
من وجهة نظر فيجوتسكي أن المجتمع وأدواته النفسية السيكولوجية تسبق التنمية الفردية ، يبدأ التطور على المستوى البين شخصي أو مستوى التفكير الخارجي. التفاعلات بين الأفراد هي السياق الذي يسبق ظهور الإدراك.
الأطفال الرضع والأطفال الصغار هم جزء من وحدة البناء الاجتماعي التي يتشارك فيها الأفراد في تفاعلات منسقة سهلت من قبل نظام الرمز المشترك من اللغة والأدوات النفسية الأخرى. عندما يتم التعرف أو ملاحظة سلوك الرضيع وتفسيره من قبل الآخرين يمكن أن يصبح السلوك داخلي بشكل تدريجي. سلوك الطفل لاحقا هو نتاج للمعني الذي أعطي في التفاعلات السابقة. من إيجابيات أداة اللغة أنه باستطاعة الطفل أن يصف ويحلل موقف معين، ويمكن أن يستفيد من الخبرات الماضية، ويقرر كيف يتصرف. جميع الوظائف العقلية العليا والت تتضمن التخطيط، واتخاذ القرار، وتقييم المعلومات والتفكير الانعكاسي أو ما وراء المعرفة، تبدأ كعمليات عقلية خارجية أو بين شخصية ثم تندرج تدريجيا مع الإدراك الشخصي.
أكد فيجوتسكي على دور الكلام في التأثير على التفاعلات الاجتماعية. في الخطوة الأولى يستخدم البالغون الكلام لإرشاد أ, إعطاء معلومات أو إعادة توجيه سلوك الأطفال. مثل قول الأم "لا تلمس هذا لأنه قد يكسر". بعد ذلك يبدأ الطفل باستخدام كلمة "لا" لضبط أفعال الأم أو الأقارب أو الأصدقاء "لاتلمس، ماين". أخيرا يصبح الطفل يوجه سلوكه الشخصي " لا تلمس" ويستخدم الكلام الداخلي لتوجيه سلوكه.
الحاجة الأكثر تعقيدا الجانب المعرفي للمهمة، فالكثير من الأطفال يفضلون استخدام اللغة المنطوقة لتوجيه حل المشكلات. يستخدم الطفل أداة اللغة وهي تعمل بشكل طبيعي في النظام الاجتماعي، لمساعدته في التركيز وبناء وظائف التفكير الداخلي. لذلك اهتم فيجوتسكي بشكل خاص بدور الوسيط كلام الأنا أو الخطاب الداخلي، كما ساهم في ظهور مفاهيم جديدة (الإدراك) والأفكار حول الذات (ماوراء المعرفة).
تمكن الإنسان من اللغة على وجه التحديد تكمن في تمكن الأطفال من توفير الأدوات المساعدة في حل مهمة صعبة، التغلب على السلوكيات الاندفاعية، وضع خطة لحل مشكلة قبل التنفيذ، وإتقان سلوكهم الخاص.
الحديث الداخلي – The Inner Speech
جادل فوغوتسكي (1978) أن الحديث يلعب الدور المركزي في التنظيم الذاتي، والتوجيه الذاتي لتحقيق الهدف والحل العملي لمسألة، فقد وصف حل مسألة من قبل الأطفال الصغار جداً أنه يشرك كلاً من الحديث والتصرف، كذلك يستخدم هؤلاء الأطفال ما وصه بياغيت (1952) على أنه الحديث المركز على الذات الذي يرافق سلوكهم، فهم يتحدثون بصوت مسموع، ولكن لا يبدو لديهم الاهتمام إذا بإمكان أي شخص أن يسمعهم أو يفهمهم، فقد وصف الحديث على أنه بتركيز ذاتي لأنه لا يبدو أن لديهم القصد الاجتماعي.
واقترح بياجيت أن تطور التواصل بدأ من الطفولة أن الحديث بتركيز ذاتي هو الدليل على الغياب النسبي للحياة الاجتماعية، والمدى الكبير لأفكار لليست اجتماعية التي لا يستطيع الطفل أن يعبر عنها.
وافترح فيجوتسكي عام (1987) المسار الإنمائي المختلف بالكامل لكي يؤخذ في الاعتبار للحديث بتركيز ذاتي ولوظيفته، وصور المخطط على أنه (حديث اجتماعي – حديث بتركيز ذات – حديث داخلي). وشاهد فيجوتوسكي الحديث على أنه يبدأ في التفاعلات الاجتماعية بين الأطفال والشبان، أو بين الأطفال وآخرين، وأن أول وظيفة للحديث هي الوظيفة الاجتماعية.
ويعتبر الحديث المركز على الذات هو التحول للحديث الاجتماعي للداخل، فالطفل يستخدم الحديث الذي اكتسبه أولاً من خلال تفاعلاته مع الآخرين لتوجيه سلوكياته، ولا يؤكد له القصد الاجتماعي. بل هو الأداة التي تساعد على التوجيه لحل مسألة، وشاهد فوغوتسكي الحديث المركز ذاتياً والتصرفات كجزء من نفس عملية حل مسألة، فكلما كانت المسألة أكثر صعوبة، كلما كان المطلوب المزيد من الحديث مع الطفل لإيجاد الحل، يعمل الأطفال على حل مهام عملية بمساعدة من حديثهم، أعينهم، وأيديهم (1978) فوتوسكي.
إن الحديث المركز على الذات هو بطبعه مسموعة (لا تختفي بسرعة) ويصبح الحديث داخلياً. حيث يعطي الحديث الأطفال درجة جديدة من الحرية والمرونة والضبط في التقدم من مهام والعمل نحو الهدف، وبإمكانهم استخدام الكلمات لجذب أدوات العقل غير المرئية، وتخطيط الخطوات نحو هدف ما، وتكرارها لتوجيه تصرفات الأطفال، وبإمكانهم استخدام الكلمات مثل بطيء "كن حذراً". أو تمسك جيداً، من أجل ضبط سلوكهم مع عملهم على مهمة.
تعمل مهارات اللغة والضبط الذاتي مع بعضها البعض لمساعدة الأطفال على كبح انفعالات سلبية والسلوك المعطل خلال أوقات الإحباط .
وينبثق النوع من حديث الذي يوجه إلى حل مشكلة من الحديث الاجتماعي الذي يميز تفاعلات الأطفال مع الشبان، وبالتالي يصبح حديثاً داخلياً.
غالباً وعندما يحاول الأطفال الصغار معرفة كيفية العمل على شيء ما أو كيفية الحصول على شيء ما بعيداً عن الوصول إليه يتحولون إلى الكبار من أجل المساعدة.
اقترح فوغوتسكي أن النوع من الحديث الذي يستخدمه الكبار أثناء توجيههم للأطفال الصغار يستخدم بعد ذلك من الأطفال أنفسهم من أجل دعم وتوجيه سلوكهم، وهذه هي الفكرة للحركة من الداخلية إلى الخارجية، وقد أشار لهذه العملية على أنها التحول للداخل لحديث اجتماعي. ففي معنى تعتمد قدرة الطفل على تحقيق الهدف الموجه ذاتياً على ما يأخذه من الحديث النصيحة العملية والتوجيه اللذان أعطيا من الكبار والزملاء الأكبر سناً الذين حاولوا مساعدة الطفل على حل مشاكل في الماضي.
ففي مرحلة الشباب فإن هذه المعارف التي تشبه الحديث ليست قابلة للسمع بشكل نموذجي، فقد تم المرور بخبرتها كحديث داخلي، أو حديثاً ذاتياً الذي يساعد على تنظيم مهام معقدة، ويشجع على الإصرار (التركيز، البقاء مركزاً) أو مراجعة وتنقيح (لا يلاءم، حاول أكثر).


منطقة النمو الادنى
مع أخذ الفكرة التحول للداخل خطوة أكثر، اقترح فوغعوتسكي، لمفهوم المنطقة لتطور قريب للمساعدة على تفسير العلاقة للتعلم والتطور، بالإمكان وصف كل طفل على أنه يعمل على عمر ذهني محدد وكأنه يمتلك القدرة على العمل على عمر ذهني متقدم.
فهذه هي المسافة بين مستوى إنمائي فعلي كما حدد بحل مشكلة مستقبلاً، والمستوى لتطور محتمل كما حدد من خلال حل مشكلة تحت توجيه الكبار أو في تعاون مع زملاء على مقدرة أكثر (1978، فوغوتسكي).
مر الجميع في خبرة الظرف الذي فيه لم نكن قادرين على حل مهام بأنفسنا، ولكن مع المساعدة والنصيحة من شخص آخر أصبحنا قادرين على أن نكون ناجحين.
مثال على ذلك، الجهود من الوالدين في مساعدة الطفل في الوضع معاً لأحجار أحجية باقتراح استراتجيات، مثل اختيار كافة الحواف المستقيمة أولاً لعمل الحد أو ترتيب العديد من القطع فيها مع قطع مشابهة في اللون، وهكذا يتم التعلم ضمن المنطقة.
يراقب الأطفال، الأطفال الأكبر سناً يؤدون مهمة وينسخون الإستراتيجية، يطلب الأطفال من أبائهم أو من المعلمين المساعدة عندما يعلقون في مهمة يعفي المعلمون الاقتراحات للأطفال على كيف ينظمون مهمة أو كيف يستخدمون مصادر سوف تساعدهم على إنجاز مهمة، نحن نلاحظ في مثل هذه الحالات وغيرها العديد من الطرق التي يوسع ففيها الأطفال المستوى لقدراتهم لحل مسائل بشكل مستقل بالبناء على الخبرة للآخرين.
اقترح فوغوتسكي أن المستوى لعمل بإمكان الطفل أن يصل إليه عندما يستفيد منن التوجيه من الآخرين يعكس الوظائف التي هي في عملية النضج، مقارنة مع تلك التي نضجت مسبقاً.
الأكثر من ذلك، تعرض الملاحظة والمصادقة على هذه البيئة الاجتماعية التي يتم فيها التعلم أن التطور المعرفي ينمو في الاتجاه للصفات الفكرية لأولئك الذين يعملون على عالم الطفل.
ويقترح تعلم الإنسان الطبيعة الاجتماعية المحددة والعملية التي بواسطتها بنمو الطفل في الحياة الفكرية لأولئك من حوله.
في مقابل التفكير في الوقت، حاول فوغوتسكي أن التطور يتأخر خلف التعلم، فعندما يتعرض الأطفال لأفكار جديدة أبعد ما يعرفه أو يفهمه مسبقاً، فإن الطفل قد حث لإشراك هذه الأفكار الجديدة، وكنتيجة لذلك، يتحرك التطور للأمام.
ففي طريقة فورية ومباشرة، بينما يعمل الأطفال في مناطقهم، توجه الثقافة والبيئة الاجتماعية الاتجاه الذي فيه يعزز التعلم. ويتم وضع التعلم ضمن المنطقة التطور القريب في حركة إعادة التنظيم لكفاءات إنمائية موجودة والتي تصبح بعد ذلك تشكلت ونسجت على مستوى داخلي جديد وأعلى.    استخدم فوغوتسكي المصطلح منطقة النمو الادنى للإشارة لمدى من أداء محتمل فعند محاولة قياس المستوى الإنمائي للطفل، ومن المهم فهم ليس فقط ما الذي يعرفه الطفل مسبقا وما بإمكانه أداءه، ولكن أيضاًََ المجالات التي هي في تقدم، من أجل الحديث، المجالات التي تنبثق كمجالات جديدة للإجادة.
بشكل طبيعي، يعزز الكبار وخاصة الوالدان المعلمين والزملاء الأكثر تقدماً التطور بإشراك الأطفال في نشاطات وفي مهام حل مشكلة التي تجذب الأطفال في الاتجاهات الجديدة التي يتم عليها قياس قدراتهم.
لقد كانت هذه الفكرة مؤثرة جداً في توجيه الاستراتيجيات التعليمية، والاستراتيجيات التعليمية الفاعلة لا تنقل الأطفال فقط عن مستواهم الإنمائي العالي إلى مستواهم المحتمل، ولكن كمفاهيم اكتسبت، وتتوسع المنطقة بحد ذاتها للأعلى (1998) فانغريت. والمساهمة المميزة لمفهوم فوغونسكي لمنطقة النمو الادنى هي الفكرة للتداخل بين مستويات إنمائيين متزامنان أحدهما بالإمكان أن يعتبر المستوى الفعلي أو قاعدة خط لعمل معربي، والمستوى الثاني المستوى المحتمل للطفل القيام بوظيفة التعليم المناسب الدعم والتشجيع. فحسب فوغوتسكي كلا المستويان موجودان ضمن المنطقة لكل مجال لمعرفة.
إذا يبين بالشكل الصحيح، فإن المواقع التربوية توجد تطور قريب واحد لمواضيع محددة للمدرسة.
عمل التفكير الإبداعي الذي قدمه فوغوتسكي هو أن الحركة ضمن المنطقة بالإمكان أن تعزز ليس فقط بالتعليم ولكن في اللعب الخاص بالطفل.
ففي اللعب شاهد فوغوتسكي عملية معرفية التي بحد ذاتها تلتقط الظل المسبق للمستوى الأعلى التالي للطفل للعمل، ويلتقط الصفة المميزة للعب خيالي.
ففي التظاهر باللعب، يتعامل الأطفال مع مجالات لا يشعرون بعد أنهم بكفاءة معها في حياتهم ويحاول العمل وكأنهم بكفاءة، يضعون القواعد لأدائهم ويلزمون أنفسهم بالعمل حسب القواعد، لذلك إذا تظاهرت الطفلة على أنها والدة جيدة، فهي تقدم للأمام كافة الأفكار الموجودة لديها عن كيف تكون أماً جيدة وتطبقها على الظرف الحالي.
بشكل مشابه، إذا تظاهر الطفل أنه بطلاً خارقاً، فهو يمتلك كافة القواعد للقوة الطيبة والمساعدة التي يعرفها ويحاول أن يقتصر تصرفاته لتلك القواعد، اعتبر فاغوتسكي لعب الخيال كنافذة للمجالات لكفاءة التي يسعى الطفل لإجادتها ولكنها بعيدة الوصول.
اتجاهات جديدة:
وجد لنظرية فوغوتسكي التأثير الهائل على دراسة تقاطع ثقافي للتطور، وقبل أن تصبح نظرية بياغيت معروفة جداً، ركزت نظرية علم نفس التقاطع الثقافي في أعوام الستينات والسبعينات، وبدرجة كبيرة على اكتشاف كيف الأفراد في ثقافات مختلفة سوف يتقدمون من مهام ومشاكل التي ظهرت في أوروبا أو الولايات المتحدة، وأهتم الكثير من الخبراء في تحديد إذا كانت المراحل البياغاتية بفكر عملي وعملية رسمية سوف تلاحظ على نفس العمر تقريباً وفي نفس التسلسل بعض الأطفال في مجتمعات تقليدية كما هم كانوا في مجتمعات صناعية، وقد عدلت المهام التي تشرك المحافظة، الاستغلال للعديد من المتغيرات، والمنطق، التصنيف والذاكرة من أجل العرض للأطفال في ثقافات مختلفة.
مع تلخيص ومقارنة النتائج لهذه الدراسات، أصبحت العديد من المواضيع واضحة، أولاً، لم تكن المهام قابلة للتصميم ضمن ثقافات كما توقع الباحثون، كان أداء الأطفال ضعيفاً في بعض هذه المهام لأن أدائهم كان بطرق معقدة عند المشاركة في نشاطات طبيعية لحياتهم اليومية.
ثانياًَ: أثر المدى الذي إليه الأطفال إلى النموذج الغربي من تدريس على طريقتهم للتقدم في هذه المهام. وقد غيرت التباينات في التدريس ضمن مجموعات ثقافية من الطرق التي يتقدم بواسطتها الأطفال من مهام محددة، بما في ذلك فهمهم لظروف الاختبار، وكذلك مقدرتهم ورغبتهم على المشاركة في المهام التي قدمت من الباحثين.
بدأ الباحثون بتأثرهم بنظرية فوغوتسكي في الانتقال بعيداً من معاملة الثقافة كمتغير ثابت الذي يتطور الأفراد من خلاله، ففي العديد من كتاباته، تضمن فوغوتسكي أن المعرفة توضعت ثقافياً، ولكن لم يوجد لديه الوقت لاكتشاف الأبعاد المحددة لاختلاف ثقافي بشكل مفصل. فقد أشار إلى اللغة، إلى استراتيجيات تعليمية، وإلى الطبيعة لتفاعل اجتماعي وإلى التوقعات الاجتماعية الموجودة لدى الكبار عن الأطفال، كعوامل قد تؤثر على التطور المعرفي.
ففي الطريقة الاجتماعية الثقافية الجديدة بدأ الباحثون في إيجاد الطرق الجديدة والعديدة لإدراك العملية التي من خلالها تداخل التطور المعرفي لدى الطفل مع النشاطات التي يشارك بها الطفل، مع الأشخاص الآخرين الذين يشتركون في النشاطات مع الطفل، والممارسات الثقافية والأطر المؤسساتية التي تقدم البيئة للنشاطات.
فبدلاً من التفكير في الفرد والمجتمع على أنهما مميزان، يحاول المدخل الاجتماعي الثقافي أن يضع السياق للتطور في كل خطوة. وواحدة من الاستراتيجيات لتحقيق هذا التكامل بين الشخص والمجتمع هي التركيز على أحداث أو نشاطات كالوحدة للتحليل.
والنشاط والحدث هما وحدة التحليل التي تركز على أشخاص اشتركوا في مساعي اجتماعية ثقافية مع أشخاص آخرين، والعمل مع توسعة الأدوات الثقافية والممارسات المتوارثة من أجيال سابقة.
إن الأطفال اليابانيون يؤدون أفضل في حل مسائل رياضيات من الأطفال في الولايات المتحدة (اتجاهات في الرياضيات الدولية ودراسة العلوم 2004) هذه حقيقة على الرغم من عدم الظهور لاختلافات في الذكاء بين الأطفال في هذه الثقافات.
تلقي الطريقة لفهم هذا الاختلاف الضوء على الصفات التالية للثقافة اليابانية:
أولاً: يعتقد الآباء اليابانيون أن الكفاءة في الرياضيات هي النتيجة لعمل جاء والإصرار بينما يميل الآباء الأمريكان إلى مشاهدة الكفاءة في الرياضيات وبدرجة كبيرة على أنها النتيجة المقدرة.
وعندما يوجد لدى الأطفال الصعوبات في الرياضيات، فإن الاعتقاد في المحاولة بجد أكثر احتمالية أن يؤدي إلى تحسين بدلاً من الاعتقاد في القدرة.
ثانياً: يميل الآباء في الولايات المتحدة إلى المبالغة في تقدير قدرات أبنائهم في الرياضيات، ربما كجزء من رغبتهم لمشاهدة أطفالهم كمميزين أو خاصين. وبشكل رئيسي الآباء الأمريكان على رضا بشكل أساسي عن المستوى للقدرة في الرياضيات التي حققها أطفالهم. في المقابل تميل الأمهات اليابانيات إلى الاستمرار في تشجيع أطفالهن على التحسن، مع التركيز على الرغبة في أن أطفالهن يلاءمون مجموعاتهم، فالأطفال الذين يضع أبائهم ومعلميهم المعايير العالية أكثر احتمالية أن يستمروا في السعي مقارنة مع الأطفال الذين يضع أبائهم ومعلميهم التوقعات الأقل عن أدائهم .
ثالثاًً: تضع اللغة اليابانية التأكيد الخاص على السمة الكمية للبيئة مع كلمات مختلفة لحساب النماذج المختلفة من أجسام، مثل الناس، الطيور، أشياء واسعة رفيعة مثل الورق، وأشياء طويلة رفيعة مثل العصي.
ويلعب الآباء اليابانيون مع أطفالهم بتكرار في العد ولعب الأرقام كطريقة لتشجيع انتباه الأطفال الصغار على الحساب، العد،  
أخيراً، يختلف تعليم الرياضيات في الصفوف اليابانية عن التعليم في الصفوف الأمريكية، ففي اليابان يمضي المعلمون المزيد من الوقت في تقديم مفاهيم جديدة، والقليل من الوقت في مراجعة مفاهيم سابقة، فهم يركزون أكثر على مسائل معقدة التي تتطلب أربعة خطوات أو أكثر للوصول إلى الحل، ويمضون الكثير من الوقت على مسائل في علاقة حسابية ولكن ليس ببساطة التكرار لمسائل سابقة.
عادة ما يوجد معلمان في الصف، أحدهما بإمكانه مساعدة الطلاب الذين توجد لديهم الصعوبة حتى يتمكن الصف من الانتقال مع بعضه البعض من الانتقال إلى المستوى التالي من العمل.
فضمن هذه البيئة، يمضي الأطفال اليابانيون المزيد من الوقت على واجبات خارج الصف الدراسي أكثر من الطلاب الأمريكان، نتيجة لذلك، ينضج فهمهم في الرياضيات على معدل أسرع، فهم قادرون على أن يصبحوا مشتركين في مسائل أكثر تشويقاً، ولديهم الثقة الأكبر في قدرتهم على إجادة الرياضيات، الثقة التي دعمت بواسطة تعريفات الآباء، خبرات صف دراسي بتصميم جيد، وبنجاحات سابقة
)National center for education statistics, 2004).  
بإمكان الشخص أن يركز على مستوى واحد من تحليل، ولكنه لا يستطيع أن يفهم التطور بالكامل بدون التحليل للمستويات الثلاثة.
مثال على ذلك، في منطقة تقع جنوب شرق المكسيك، نادراً ما يترك الأطفال الصغار على الأرض، بل يتم حملهم على حضن الأمهات أو بين أياديهن، أو حملهم على الظهر، في المقابل مع الآباء الأمريكان، نادراً ما تحث الأمهات في هذه المنطقة من المكسيك أطفالهن على أداء سلوكيات حركية جديدة، ولا يظهرن الاهتمام الخاص أو الإثارة عندما يتم إنجاز السلوك الجديد، لذلك فإن الأطفال في هذه المنطقة أكثر هدوءً وأقل طلباً مقارنة مع الأطفال الأمريكان. فهم متأخرون عن الأطفال الأمريكان تقريباً بشهر واحد في تطور الحركة. إلا أنهم يظهرون تقريباً نفس النموذج من مهارة حركية خلال السنة الأولى من الحياة هذبت المعرفة من خلال المراقبة والتقليد وليس من خلال الاكتشاف المباشر مثل الحالة ضمن الأطفال الأمريكان، لأن ممارسات رعاية الطفل منطقة جنوب شرق المكسيك تغرس صفتان ثقافيتان لهما القيمة: تقييد الحركة، والميل للمشاهدة والاستجابة بدلاً من المبادرة سلوك، وقد انتقلت هذه النوعيات من جيل للجيل التالي من خلال ممارسات مستمرة في رعاية الطفل التي تقدم المصدر لاستمرارية في المعرفة وسلوك منذ الطفولة وعبر الأجيال .
يوضح المثال تكامل العمليات الشخصية الداخلية والثقافية للفرد حتى في التطور المبكر للمهارات الحركية.
افترض التباين في دراسة اجتماعية تاريخية للمعرفة بدلاً من التشابه أو العمومية ، حيث تم التفكير أن التطور يحدث في بيئات محددة على فترات زمنية محددة، يركز الشخص على كيف يشترك الناس في مجتمع ثقافي محدد مع أشخاص آخرين من أجل تحقيق هدفاً محدداً، إلا أن التعلم الذي يحدث أو النمو في الفهم لا يمكن أن يعمم خلال أفراد ضمن مجتمع، وعبر مجتمعات أو نشاطات في العديد من المواقع.
كنتيجة، فإن النتائج من الدراسة التجريبية لا يمكن تعميمها بشكل واسع، بل المجال ينمو ببطئ من خلال مشاهدات عديدة، فمع مرور الزمن يأصل الناس كسب الفهم كيف يكمل الأفراد الفهم الثقافي الموجود، وينتجون المفاهيم الجديدة. وكيف تغير المشاركة في نشاطات أو في أحداث من العمليات المعرفية، وكيف تغير المعارف المشارك بها عبر الأفراد والأجيال الممارسات للثقافة.
أخيراً أدى التصور الاجتماعي التاريخي إلى وعي أكبر للطريقة التي بها الأدوات والأساليب لتحقيق علمي هي بحد ذاتها توضعت ثقافياً.
كمثال في بحث على التفكير المنطقي سألت (لوريا, 1976) شباناً يدرسون وآخرين لا يدرسون أن يحلوا مسألة منطق: في الشمال البعيد حيث يوجد الثلج كافة اللحى بيضاء، أنوفايا زيملوا: في الشمال البعيد، والثلج يتواجد باستمرار في تلك المنطقة، ما هو لون اللحى هناك؟ سوف لا يجب الفلاحون الذين لا يدرسون على مثل هذا النوع من سؤال، ويجبون أنهم لم يتواجدوا أبداً في تلك المنطقة، لا يستطيعون الحديث عن لون اللحى للأشخاص الذين يعيشون هناك، نحن دائماً نتحدث فقط كما نشاهده، ولا نتحدث عن شيء لم نشاهده أبداً .
ولاحظ مراقبون آخرين نفس هذا النفور من جانب مجموعات ثقافية محددة لقبول معلومات بنيت على استنتاج، والثقة فقط فيما تم المرور في خبرته أو ما مر في خبرته شخص ما محترماً كثيراً، ولا يعني هذا أن الناس من هذه المجموعات الثقافية لا يستطيعون التبرير منطقياً، فهم على مقدرة كاملة أن يقيموا تبرير شخصاً أخراً وخلاصاته على أنها منطقية أو غير متوافقة، إلا أنهم غير راغبين في الوصول إلى خلاصة لا يستطيعون تأكيدها .
وتمتد مفاهيم فوغوتسكي عن الطبيعة الثقافية لأدوات رمزية إلى الأدوات القياس والتجربة، وأصبح الباحثون في هذا المجال يميلون أكثر إلى فرضيات اجتماعية وتاريخية التي توضح أسئلة بحثهم وأساليبهم، وهي يكافحون بتزايد لتصميم الطرق للتحقيق التي تعتبر مناسبة للنظرة العالمية للمجتمع الذي درس.
مثال بحث: إدارة ثقافية لانتباه:
عرض المبدأ أن التطور الفردي تكامل مع الثقافة في بحث عن الإدارة للانتباه التي وصفت هنا، فالانتباه هو العملية الأساسية التي تم البحث بها بداية في الدراسة المبكرة للإحساس والتصور والمعرفة، فبداية مع تجارب سابقة في الطبيعة النفسية طرح العلماء الأسئلة عن المستوى لمحفز مطلوب لكي يتسبب في تغيير في الانتباه. ففي دراسة فهم الأطفال الصغار استخدمت العملية التعود لاكتشاف بدايات حسية، وتضم مقاييس الانتباه زمن التحديق الذي استخدم كتعاريف عملية للأفضلية وفي المجال معالجة المعلومات وأجري البحث لاختبار الحدود للقدرة للوصول إلى مصادر متنافسة لدراسات معلومات وجدت أنه مع النضج من الطفولة إلى المراهقة يوجد التحسن في كل من انتباه اختياري، المقدرة على البحث عن معلومات استنتاج من أجل التركيز على المهمة الرئيسية والانتباه المقسم، والمقدرة على التعامل مع مهتمين في نفس الوقت .
بشكل عام، وجدت الفرضية في المجال وهي المقدرة على التعامل مع العديد من المحفزات أو الأحداث مرة واحدة مختصرة على نوع ما من الأعصاب (عنق الزجاجة) نتيجة لذلك فإن المقدرة على العمل على المستوى الأفضل قد أعيقت أو تأخرت عندما يتطلب الظرف الانتباه لمطالب متنافسة .
وقد أدى البحث إلى خلاصة أن الانتباه هو عملية أساسية عالمية تعمل بنفس الطريقة عبر ثقافات، وقد ساهم فوغوتسكي في هذه الكمية من معرفة بالإشارة إلى التطور للطفل في عمر المدرسة في الذاكرة الإرادية والانتباه الإرادي (1987، فوغوتسكي). وأصبحت بتزايد في الطفولة المبكرة والطفولة، فمع سن المدرسة تطورت الذاكرة وتطور الانتباه بدرجة كافية بحيث بإمكان الطفل أن يبدأ في أن يكون على معرفة بهما، والسماح للطفل أن يوجه الانتباه بقصد.
لقد أدى النشر لأفكار فوغوتسكي إلى وزملائها بشكوف في أن التأكيد على تسلسل والانتباه المركز قد يكون النتيجة للأفضلية الثقافية للباحثين. تقترح التقارير العرفية أنه وجد الأشخاص من مجموعات عرقية كانوا على مهارة خاصة في إدارة الانتباه للعديد من مهام مع الحفاظ على مستوى عالي من عمل.
مثال على ذلك ما وجده (اوشكس, 1988) أن الكتبة كانوا قادرين على الاستماع إلى أشرطة سمعية ومتابعة الحوارات لثلاثة أو لأربعة أشخاص مختلفين كانوا يتكلمون في نفس الوقت، من أجل السعي في الفكرة أن بعض المجتمعات الثقافية تقيم وترعى التنسيق للانتباه للعديد من الأحداث.
لقد تم القيام بالعديد من الدراسات التنظيمية، وذلك لمتابعة فكرة أن بعض المجتمعات الثقافية تقيم وتغذي الانتباه للعديد من الأحداث ،حيث قارنت والدات جواتيمالان مايان وأطفالهم من سان بيدرو مع الأمهات وأطفالهم سولت ليك سيتي ،يوتاه (روجوف،ميستري،جونكو،&موسيير،1993،تشافاجاي&روجوف 1999) ستة عشر والدة مع أطفالهم (متوسط العمر= 17شهراً) من كل مجتمع ثم تمت مقابلتهم في المنزل ،وكافة الأطفال لديهم أشقاء أكبر منهم ،والأطفال الذين كانوا بين 3إلى 5أعوام وكانوا في المنزل خلال المقابلة وفي مرحلة معينة ،فقد أعطي للأمهات عدد من الأغراض وطلب من الأم أن تخرط ابنها مع الأغراض كل على حدة.
ولقد تم تصوير هذا الجزء لمدة 10دقائق ،وبعدة متابعة المقابلة التي أجريت ،تم تصوير 10دقائق أخرى كان التركيز فيها على الطفل الذي وصل مرحلة البلوغ ،وقد تم تشفير كلا القطعتين .وبالنظر إلى كيفية إدارة البالغين والأطفال للأحداث المتضاربة ،فقد اهتمت الدراسة بكيفية إدارة الأمهات والرضع في مجتمعين مختلفين وذلك للاهتمام المتضارب .ومن خلال التفاعل المركز على الطفل نجد أن الأم تساعد الطفل على اللعب بالغرض الجديد ،أما التفاعل المركزعلى البالغ فالأم تجيب على أسئلة الطرف المقابل .
ومن خلال المقارنة السابقة نلاحظ أن أمهات سان بيدرو وأطفالهم كانوا يميلون بشكل كبير للانتباه للأحداث المتضاربة في آن واحد ،وذلك أكثر من أمهات سولت ليك سيتي وأطفالهم ،فأمهات سولت ليك سيتي وأطفالهم كان ميولهم إلى تحويل انتباههم من حدث لآخر أكثر من أمهات سان بيدرو وأطفالهم .
وبما أن أطفال سان بيدرو كانوا يميلون للأحداث في آن واحد أكثر من الطرف الثاني وهم أطفال سولت ليك ستي ،فإنهم بذلك يكونوا مقترحين تفضيلاً مبكراً للانتباه الفوري في المجتمع الماياني،وتفضيل المايان للانتباه الفوري كان ظاهراً عبر التفاعلات المركزة على الأطفال وعلى الرضع أيضاً،وكانت غير مرتبطة بعدد سنين خبرة المدرسة للأمهات الماينية.
مما سبق نستنتج من خلال هذا البحث أنه توجد أنماط ومضامين لإدارة الانتباه تختلف في المجتمعيين الذين وضعا تحت الدراسة ،فأحد هذه المضامين أن الانتباه المركز الاختياري غير مفضل عبر المجتمعات .وكما يفترض فيجوتسكي أن المعالجات الإدراكية تختلف وتتطور في السياق الثقافي.
أما المضمون الثاني يتمثل في أن الأطفال الصغار يمكن أن يصبحوا ماهرين بإدارة انتباههم إلى الأحداث المتضاربة إذا شجع المجتمع هذا النوع من الانتباه المنسق ، يوضح هذا عملية تطور المنطقة القريبة للتعلم .
وأما المضمون الثالث فيتجسد في أن التفضيلات الثقافية عن الانتباه قد تكون مرتبطة بأنماط وتوقعات التفاعل الاجتماعي .
فعلى سبيل المثال الفكرة الأوروبية عن الألفة الثنائية التي تشجع فيها الأم والطفل على على أن يضعوا على جنب كافة المهام الأخرى ليتفاعلوا مع بعضهم ، ليست بالضرورة الطريقة الوحيدة لتحقيق الألفة ،ففي بعض المجتمعات يتحقق التقارب عندما تتفاعل مجموعة من الناس متضمنة الأطفال والبالغين حول عدة مهام مع تواجد الآخرين .
وفي مقارنة استراتيجيات الانتباه عبر المجتمعات الثقافية يمكن أن يسلط الضوء على الرابط بين الجانب المعرفي وبين التفاعل البشري ،وهذا يؤكد أفكار فيجوتسكي عن الرابط بين الفرد والمجتمع .
وأخيراً في العالم الحديث يبدو أن طلب الاهتمام في العديد من مصادر المعلومات يتزايد ،فالضغط الثقافي القوي في المجتمعات الأوروبية أو الغربية نحو الانتباه المركز على حدث واحد في كل وقت على حدة قد يكون على خلاف الضغط التكنولوجي نحو"تعدد المهام" ،وهذا قد يكن مصدراًغير معروف للضغط الثقافي في المجتمعات الغربية.
لقد أثرت نظرية فيجوتسكي على الممارسات التعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية وفي روسيا،وأخذ تطبيق النظرية نوعاً ما نماذج مختلفة في هاتين الدولتين ، ففي الولايات المتحدة الأمريكية أسهمت النظرية في استراتيجيات الترويج ماوراء المعرفة ،وهي تدخلات معينة بزيادة مسؤولية الطفل للتخطيط والتوجيه والمراقبة والفحص ثم تقييم تعليمهم ،حيث يعود هذا النهج إلى التعلم المشترك أوالتعلم التبادلي (هايوود.1996،بالينكسار،بروان،&كامبيون،1993).وفي روسيا أسهمت النظرية في ترويج فهم المعرفة العلمية عن طريق ربط المعرفة بالمفاهيم مع المعرفة بالإجراءات، ويعود هذا النهج إلى التعلم النظري ،(داي دوف،1972،كاريوف&هاي وو.1998).
التعلم المشترك:
استناداً إلى نظرية فيجوتسكي فإن القدرات المعرفية المعقدة تندمج أولاً في تفاعل المجتمع وتدمج بشكل تدريجي خلال استخدامهم في إرشاد سلوكياتهم الفردية وسلوكيات الآخرين ،وقد ترجمت هذه الفكرة في الإطار التعليمي عن طريق خلق خبرات إرشادية ،حيث يشترك الطلاب والمعلمون في مسؤولية التعليم ،فبيئة التعليم المشترك مبنية كمجتمع من المتعلمين ،فيقوم المعلمون بتجسيد استراتيجيات معينة للتخطيط والتلخيص والسؤال في عملية حل المشاكل،ثم يحولون هذه المسؤوليات تدريجياً إلى الطلاب ،ويعاون الطلاب ويتشاركون في التنظيم المشترك والتحكم بعملية التعلم وأخذ الأدوار في المراقبة والمساعدة وتقييم أعمال الآخرين .
إن طريقة دمج الطلاب في تعليم الآخرين وإنجازاتهم تخلق بيئة دعم اجتماعية للتعلم المعقد بالإضافة إلى خلق فرص للأطفال للتعلم من كلا الطرفين المعلم والطلاب الآخرين ،وذلك مع مرور الوقت لاكتساب مهارات ما وراء المعرفة من مراقبة وتخطيط وتقييم ،يتم تحويلها إلى نطاقات أكاديمية أخرى ،خصوصاً في البيئات التعليمية التي يدعو فيها المعلمون الطلاب للانخراط والمشاركة في حديث نشط وتحليل دقيق للتفكير والوصول إلى المعنى المقصود من محتوى المساق.(ميلر،2006،فورمان&كازدن،1995).
التعليم النظري
لقد فرّق فيجوتسكي بين نوعين من المفاهيم: (المفاهيم الذاتية والمفاهيم العلمية ) فالمفاهيم الذاتية شبيهة بأنواع البرامج التي وصفها بياجيه كدمج خلال المراحل الحسية الحركية والمراحل ما قبل الحركية ،وأنها تعميمات استنتجت من التجارب اليومية والشخصية ،والمفاهيم الذاتية هي الأساس للمعرفة التي لم يرشد لها من قبل بطريقة تنظيمية أو تفسيرية من قبل بالغين خبراء
وأما المفاهيم العلمية فهي الأفكار والقوانين والمعلومات المتراكمة عبر الأجيال كنتيجة للبحث التنظيمي والفلسفة والخبرات التاريخية المشتركة .
واستناداً إلى فيجوتسكي فإن المفاهيم العلمية من غير المتوقع أن يتم اكتشافها أوإعادة اختراعها في مسار تعلم طفل واحد ، ولهذا يتطلب نقل المعرفة خلال عملية الإرشاد وفي حال دمج هذه الأفكار يمكن استخدمها لتوسيط خبرات جديدة وخلق تطبيقات جديدة أو اكتشاف مفاهيم علمية جديدة .
وعلى كل حال فقد وجد الروسيون أن التقدم التعليمي البسيط للمعرفة العلمية لم يكن فعالاً في مساعدة الطلاب على إتقان هذه المفاهيم ،فعرفوا بأن الطلاب بحاجة لفهم الإجراءات المستخدمة للحصول على هذه المعرفة ،بالإضافة إلى نفس المفاهيم لاستخدام هذه الأفكار في حل المشكلات المقبلة ،ويعتبر التعليم النظري هو المنهج الذي أوجدوه لدمج المعرفة بإرشادات ورموز المفاهيم العلمية ،مع الإجراءات المستخدمة لتوليد هذه المناهج،فالتعليم النظري يتضمن تعليم الأطفال طريقة أو نموذجاً لتنظيم وتحليل المعلومات الملائمة للموضوع المعني ، ومن ثم مساعدة الأطفال على استخدام تلك الطريقة لخل مشكلاتهم الجديدة.
على سبيل المثال ،عند العمل مع مجموعة من الأطفال لتجميع أحجية صور مقطوعة يواجه الطفل ذو الخمس سنين صعوبة في التعامل مع25أو30قطعة وكيفية البدء في حل الأحجية ،عكس البالغ الذي قد يقترح البدء بالزوايا لتركيب حدود الأحجية ،وعلى الأغلب فإن الجهود الأولية للطفل ستفشل ومن ثم يأتي الإحباط واحتمالية الاستسلام ،ويعلم أن الحل يكمن في أن تتجمع القطع لتتكون الصورة ،لكنه لا يعلم كيف سيقوم بذلك ،ولكن إذا أعطينا للطفل قطع الزوايا والتي لها خاصية مشتركة (زاوية مسطحة )
،فإن الطفل يستطيع تحديد مجموعة جزئية من القطع ،وأن يركز انتباهه على هذه القطع فقط بدل تركيزه على القطع دفعة واحدة ،ومع مرور الطفل بمرحلة النجاح بتجميعه بعض أجزاء الزوايا ،يتكون لدى الطفل شعور بالأمل لإيجاد حل للأحجية كاملة .ويمكن تطبيق هذه الإستراتيجية على كافة الأحاجي ثنائية البعد.إن تجربة النجاح في حل المشاكل خلال تطبيق استراتيجية معينة تعطي الأطفال الفكرة التي يستخدمونها في العديد من المشاكل المعقدة ،وقد تساعده في إيجاد طريقة أو نهج يساعد على إيجاد الحل ،فعندما تتاح للأطفال فرصة تجربة النجاح عن طريق تطبيق إجراءات لحل المشكلة على الأغلب سيشاركون بإجراءات أخرى يمكن أن تكون مفيدة في حل أنواع أخرى من المشاكل (داي دوف ،بوشكين،&بوشيكنا،1972،تشي،فيلتوفيتش،&جليسر، 1981).
إن تحليلهم لتطبيق نظرية فيجوتسكي للتعليم (كاربوف وهاوود 1998) اقترحو أن دمج التعليم النظري والتعلم المشترك يمكن أن يكون فعّالاً بشكل أفضل ،حيث لا يستغل التعليم النظري طاقة المجتمع التعليمي ،فالمعرفة الشفوية والمعرفة بالإجراءات تأتي أولاً من المعلم ،وبعد ذلك يتوقع أن تدمج من قبل الطلاب بدون منفعة التبادل الثقافي أو الإرشاد المشترك ،والتعلم يركز علي عملية ما وراء المعرفة من مراقبة وتخطيط وفحص وتقييم ،والذي من شأنه أن يرفع الحافز والتعليم ذاتي التوجيه ،وعلى كل حال لا تتضمن عملية دمج الطلاب في إتقان الإشارات والرموز أو الإجراءات التي تخلق معرفة علمية عن طريق دمج المنهجين ،بل يمكن للطلاب أن يتقنوا المفاهيم العلمية وإجراءات المجال ،ومن ثم العمل معاً للقيام بحل المشكلات باستخدام الاستراتيجيات ،وقد يحاول بعض الطلاب حل المشكلة ،بينما قد يجرب آخرون فحص وتقييم العمل ،ثم بعد ذلك يمكن أن يبدلوا الأدوار لكي يطوروا القدرات ما وراء المعرفية والمهارة العلمية لديهم .
كيف تجيب نظرية المعرفة الاجتماعية التاريخية على الأسئلة الأساسية التي من المتوقع أن نظرية التطور الإنساني تتطرق لها ؟(260)
-ما هواتجاه التغيير طول العمر؟ وإلى أي مدى تأحذ النظرية في الاعتبار نماذج التغيير والاستمرارية ؟
إن الاتجاه للتغيير هو التغيير من الخطاب الاجتماعي إلى الخطاب الذاتي والداخلي ،حيث تشير النظرية بأن التحولات الرئيسية في التعقيد المعرفي قد تم رصدها مرتين ، المرة الأولى على المستوى الشخصي الداخلي أو المستوى الاجتماعي ، والثانية كمفاهيم ثم استيعابها . والاتجاه للتغيير يكون نحو زيادة التعقيد المعرفي الموجه بالمعرفة العلمية وبالقيم الثقافية عن الذكاء والتي تشكل سياق البيئة الاجتماعية التاريخية .
وقد ركزت النظرية بصورة خاصة على زيادة القدرات لما وراء المعرفة والتنظيم الذاتي الذي يحدث مع فهم الطفل لاستراتيجيات التوجيه من أجل المراقبة والتحليل والتقييم لجهود حل المشكلة التي تم توفيرها في البداية من قبل البالغين الأكثر مهارة.
-ماهي الآليات التي تؤخذ في الاعتبار من أجل النمو ؟ وماهي بعض الفرضيات القابلة للاختبار أو التنبؤات التي تنشأ عن هذا التحليل ؟ (260)
واحدة من الاليات التي يأخذها فيجوتسكي في الاعتبار لهذا النمو هو المشاركة بشكل تعاوني لحل المشكلة مع البالغين وأقرانهم الأكثر خبرة .
إن الأطفال يتعلمون الاستراتيجيات الجديدة ويستخدمونها لتنظيم سلوكهم وسلوك الآخرين ،ثم يفهمون هذه الاستراتيجيات من أجل تطبيقها في حل المشاكل اللاحقة ويمكن القول بأن الآلية ذات العلاقة هي مفهوم المنطقة للتطور القريب ، حيث تشير هذه النظرية إلى التمييز بين العمل المثالي والعمل النموذجي ويستحضر الأطفال القدرة التلقائية من أجل فهم وحل المشكلة لكل ظرف ووضع جديد ،وعلى كل حال يوجد لديهم الإمكانية للعمل مع المستوى المعرفي الأعلى للأداء الذي يمكن تعزيزه من خلال التوجيه من قبل المشاركين الأكثر مهارة ، كما يمكن تعزيز مستويات جديدة من العمل المعرفي بتقديم الإشارات والرموز والإجراءات التي بإمكان الطفل أن يتعلمها لتطبيقها في الظروف الجديدة وذلك من خلال المعلمين والأقران .
وبناء على مفهوم منطقة التطور القريب يمكن للشخص أن يتنبأ أنه مع القليل من المساعدة أو التوجيه يجب أن يكون الأطفال قادرين على حل المشاكل الأكثر صعوبة أكثر من تلك المشاكل التي يمكن أن يحلوها بصورة مستقلة. إلا أن التحدي أوالصعوبة تمكن في تحديد المشاكل التي هي ضمن المنطقة ومستوى المساعدة الذي يحافظ على استمرارية اهتمام الطفل ودافعيته للمشاركة في المشكلة.من المفترض أنه عندما يتم إعطاء الطفل التلميح أو الاستراتيجية لحل المشكلة والتي هي ضمن المنطقة يجب أن يأتي الحل بسهولة ،ويجب على الطفل أن يظهر الحماس والاهتمام في العمل على إنهاء مهمته.أما إذا كانت المشكلة أبعد من المنطقة فإن نفس التلميح أو الاستراتيجية لن ينتج عنهما الحل الناجح والذي قد يوقع الطفل في الحيرة والارتباك أو اللامبالاة ،وبالتالي فإن المقدرة على إيجاد موقع الطفل في منطقته من التطور القريب تعتمد على المستوى التنموي للطفل ، وعلى طبيعة النشاط أو المشكلة ، وطبيعة التوجيه أو الدعم الذي يحصل عليه الطفل ، وتتفاعل كافة هذه العوامل للتأثير على نجاح الطفل .
-كيف للخبرات السابقة أن تكون مناسبة من أجل التطور اللاحق ؟ وما هو الدليل الذي تقدمه النظرية لدعم رؤيتها ؟ (261)
طبقا للمنظور الاجتماعي التاريخي لفيجوتسكي، فإن المعرفة تنشأ من تفاعلات اجتماعية ومن استخدم لأدوات ثقافية يتم استيعابها تدريجياً ،ونتيجة لذلك ،فإن التجارب المبكرة للتواصل مع مقدمي الرعاية ،والتعرض للمجتمع المدني ،وللبيئة الثقافية ، وتجارب التغذية والرعاية هي كلها أمور بالغة الأهمية في الطريقة التي يتم بها تشكيل المعارف المبكرة ،ففي الأوقات الأولى من التنمية يسمع الأطفال الكلمات التي تم استخدامها في حديث البالغين وبالتالي يستخدمونها ،وعلى الرغم من أن الطفل قد يفهم الكلمة بشكل أكثر واقعية والبالغ يفهمها بشكل أكثر تجرداً ،إلا أن الطفل لديه مقدرة لتنسيق استخدام كلمة بطريقة تتوافق مع فهم البالغ ، ومع إدراك الطفل لاستخدام الكلمة وبدعم من البالغ للطفل في ذلك ،يعتبر هذا التنسيق المبكر لاستخدام اللغة أساساً للتطور اللاحق للمفهوم .
وكما ذكر سابقاً فإن الخبرات المبكرة تعمل على صياغة الطريقة التي يقترب بها الطفل من الأحداث التي حوله ، كما يوفر التعرض للتلميحات اللفظية وغير اللفظية الأدوات الإضافية لإدراك وتصور الأحداث ،حيث تساعد النماذج التدريسية وتقييم المعرفة التي هي سمة للثقافة والتي تم استيعابها من قبل الأطفال في تفسير المعلومات الجديدة ، وبالتالي فإن التجارب المبكرة مهمة لصياغة وتشكيل الاتجاه للتطور اللاحق .
وفي الوقت نفسه ،وفي كل مرحلة من مراحل الحياة ، قد يشارك الأفراد في بيئات اجتماعية جديدة يمكن أن تقدم طرقاً جديدة ، فالتدريس على سبيل المثال سوف يقدم فيه الأطفال لإجراءات وأدوات جديدة مثل التجربة التي قد تؤدي إلى نماذج جديدة من المعرفة العلمية ، ومع نضج الأفراد قد يجدون الطرق للدخول إلى مناطق جديدة من التطور القريب بواسطة البحث عن المزيد من التدريب المهني الأكثر تحدياً وكذلك لإعدادات التعليمية أو التدريب حتى يتم نقل تعلمهم السابق أو احتمال استبداله بمعرفة جديدة .
-كيف تتفاعل العمليات الجسدية والمعرفية والانفعالية والاجتماعية ؟
-ماهو مدى الجيد الذي يفسر هذه التفاعلات ؟ (262)
تركز النظرية بدرجة كبيرة على التفاعلات للمجالين المعرفي والاجتماعي وقد وقع تأكيد خاص على اللغة بشقيها الاجتماعي والمعرفي .
لاشك أن اللغة بحد ذاتها اجتماعية لأنها تحافظ على العلاقات الشخصية التي تنتج الحيز العقلي المعرفي ، وكذلك وهي معرفية لأن اللغة توجه الحديث الخاص الداخلي الذي يصبح فيما بعد شكلاً من أشكال التفكير،ومع مرور الزمن فإن اللغة وأدوات رمزية أخرى للثقافة التي تخللت تجربة الطفل الاجتماعية تصبح مفهومة ، وفي نهاية المطاف فإن هذه الأفكار تتوسط الخبرات الجديدة والتي تسمح للطفل بتقديم انعكاسه عن تلك الخبرات وتحليلها .
وطبقاً لهذه النظرية يجب أن يكون الشخص قادراً على ملاحظة التشابه في ثقافة التحدث لدى الناس لتفسير الأشياء للأطفال ، والطرق التي يتوصل فيها الأطفال للمعلومات الجديدة وطلبهم للمساعدة في حل المشاكل .
يؤكد التصور الاجتماعي الثقافي على خبرات الطفل ، ويجتذب هذا المستوى من التحليل ويتكامل فورا مع الوظائف الجسدية والمعرفية والانفعالية والاجتماعية . فالطفل الذي في طور النمو البيولوجي لديه المقدرة على المشاركة في نماذج مختلفة من النشاطات بالاعتماد على مستو نموه الجسدي والمعرفي . خلال العمل فللقدرات الجسدية والمعرفية للطفل أثراً على المجموعة الاجتماعية ، وفي الوقت نفسه فإن الأدوات الثقافية والفرص الاجتماعية التي توفرت بواسطة النشاط لها الأثر على الطفل وعلى خبراته ذات المضمون والمدلول .
وفي الفصل الختامي الذي جاء تحت عنوان التفكير والحديث ، يجمع فيجوتسكي (1987) المجالين المعرفي والوجداني مع بعضها البعض في إطار كفاحه لإظهار الصعوبة في متابعة المسار من الأفكار الكبيرة والمتكاملة والمتعددة الأبعاد إلى الحديث الذي يجب أن يتجلى بطريقة مجزأة ومتسلسلة ، وبمعنى آخر كلمة كلمة . فالمسار القائم عل أساس " من التفكير إلى الكلمة يكمن من خلال المعنى " حيث يتم بناء هذا المعنى وفقاً للدوافع والنوايا والاهتمامات والاحتياجات والانفعالات .
كذلك يتطلب فهم كلمات الآخرين فهم أفكارهم ، وحتى هذا لايمكن أن يكون كاملا بدون فهم دوافعهم ، أو التساؤل عن السبب الذي قاموا من أجله بالتعبير عن أفكارهم .وعلى وجه التحديد ، وبهذا المعنى نكمل إنجاز التحليل النفسي لأي تعبير فقط عندما نكشف المسطح الداخلي الأكثر سرية للتفكير اللفظي .
-كيف تؤثر السياقات البيئية والاجتماعية على التطور ؟ ماهي جوانب البيئة التي تشير إليها النظرية وعلى درجة خاصة من الأهمية في تشكيل اتجاه التطور؟ (263)
في هذه النظرية لاتتواجد المعرفة في الفرد أو في المجتمع ولكن في المعنى الخاص في سياق أعمال الطفل حيث تجدر الإشارة إلى أن النشاطات يتم بناؤها على أساس اجتماعي وتملك المعنى والقيمة الثقافية .
وقد جادل فيجوتسكي ضد فكرة إدراك وتصور البيئة على أنها منفصلة عن الطفل . ووضع الاهتمام الأكبر على خبرات الطفل والتي هي منتج للعلاقة الوظيفية بين الفرد والبيئة " إن الخبرة هي وحدة من الشخصية والبيئة أثناء وجودهما في التنمية . ويجب فهم الخبرة على أساس أنها علاقة داخلية للطفل كفرد في جانب معين من الواقع " .
وعلى سبيل المثال ، في الثقافة الأمريكية هناك قيمة كبيرة ارتبطت مع تحول الرضيع من الزحف للسير، ويساهم الآباء وكبار آخرين بدرجة كبيرة في أهمية مشي الطفل ويرون أن عمر الطفل عند السير مؤشر للنضج ،وتم اختراع الأدوات الثقافية مثل " ووكر، المشاية " لدعم وتيسير المشي المبكر ، وبالتالي فإن المشي في الولايات المتحدة هو نشاط يرمز إلى النضج والاستعداد للطفل لتحقيق المستوى الجديد من الاستقلالية والاستغناء عن مقدمي الرعاية .
ومع ذلك فقد ينظر إلى السير بشكل مختلف في ثقافات فرعية والذي قد يعتبر مختلفاً للأولاد عما هو عليه للبنات ، ففي بعض العائلات قد يكون المشي في سن مبكرة مؤشراً على أن ذلك الطفل سيكون رياضياً –لاعب كرة قدم في المستقبل ، أو عداء ، وفي عائلات أخرى قد ينظر إلى المشي المبكر كعلامة أن الطفل في طريقه نحو الوقوع في المصاعب – " نحن بحاجة أن نبقي أعيننا على هذا الطفل ،سوف يكون مثيراً للمتاعب " . وفي أخرى قد يكون المشي مصدرا للقلق ، لأن الطفل حين يتمكن من المشي سيحتاج إلى حذاء ، والأحذية مكلفة إلى غير ذلك ، ومع بدء الطفل بالسير يبدأ الآباء في تحسين المنزل ، وتأمين الخزائن ، ونقل الأشياء إلى أماكن جديدة أعلى ووضع الأغطية على أبازير الكهرباء ،كل تلك التفاعلات المختلفة للمشي توضح كافة ردود الفعل المختلفة على مشي الطفل من حيث كيف تتفاعل القدرة المبنية بيولوجيا للسير مع السياق الاجتماعي والثقافي لكي تعطي للنشاط المعنى الخاص به ، فالمشي يقدم الأساس للنماذج النوعية المختلفة من النشاطات في الموقع ، وسوف يختلف المعنى لتلك النشاطات بالاعتماد على البيئة الاجتماعية الثقافية .
واستناداً إلى النظرية ، ماهي العوامل التي تعرض الأفراد للخطر في فترات محددة من فترات الحياة ؟ (263)
إن المصدر الرئيسي للخطر هو الغياب النسبي للتفاعل مع مقدمي الرعاية وغيرهم من البالغين ، وبسبب الأهمية التي أعطيت للدور المتعلق بالتفاعل الاجتماعي ، فإن الظروف التي تقيد مشاركة الطفل في التفاعل الاجتماعي سوف ينتج عنها لغة ومعرفة فقيرتان ، ونظراً للأهمية الواقعة على دور البالغين والأقران من ذوي المهارات الذين يوفرون للطفل استراتيجيات حل المشكلة ، والمعلومات الجديدة ، وإجراءات جديدة لاكتساب المعرفة العلمية ، فإن الافتقار للوصول إلى التدريس أو الابتعاد عن عالم التدريس سوف يعرض الطفل للخطر المتعلق بتحقيق المزيد من الأداء المعرفي المتقدم ، فلكل ثقافة أدواتها الخاصة بها وآلياتها لنقل المعرفة من جيل إلى جيل ، فالأطفال الذين يفقدون إمكانية وصولهم لهذه المصادر سيكونون معرضين للخطر، وهذا قد ينجم عن الفقر ، والحرب ، والكوارث الطبيعية ، والتشرد ، وعبودية الطفولة ، أو أزمات أخرى تفصل الطفل عن العائلة والأصدقاء والمدرسة وعن المجتمع .
ووفقا لهذه النظرية فإن التعلم والتطور يرفع بعضهما البعض . ومع نضج الأطفال يصبحون قادرين على تعلم معلومات جديدة أكثر تعقيداً واستكشاف الإجراءات الجديدة وهذا التعلم الجديد يحث على مستويات جديدة من الوعي المعرفي ، ويوفر المداخل البديلة لحل المشكلة ، ويساعد الطفل على تصور المشاكل من خلال وجهات نظر جديدة ، وقد تؤدي رؤى الطفل الجديدة إلى الرغبة بالمزيد من المعلومات ، والتي بدورها تدفع الطفل مرة أخرى نحو مستويات متزايدة من التعقيد للأداء المعرفي . وفي أية لحظة من هذه العملية ، يمكن تثبيط المزيد من تطور الطفل إذا ما تم تقييد الفرص الجديدة للتعلم .
نقاط القوة للنظرية (264)
ماقام به فيجوتسكي أكثر من مجرد جذب انتباهنا للسياقات الاجتماعية والثقافية والتاريخية للتطور، بل بالأحرى فقد قدم منظورا جديدا بالكامل عن المعرفة ووضعه على الحدود البينية للشخص والثقافة ، والفكرة القائمة على أساس أن الوظائف العقلية الأعلى تبدأ خارج الشخص في البيئة الاجتماعية ثم تصبح مفهومة عرضت منظورا فريدا عن الحدود للذات والمجتمع والاتجاه للتطور ، ومع هذه الرؤية يصبح الشخص قادراً على تقدير أن الأشخاص في الثقافات المختلفة لديهم الطرق المختلفة في تقديم خبراتهم وأولوياتهم المختلفة لحل المشاكل بدرجة عالية من الترتيب التنظيم ، وقد انبثق عن هذه الأفكار الإثارة الجديدة حول طرق النظر إلى التطور كمنتج للتبادلات المستمرة والسلسلة بين النضج ، والفرص البيئة ، والمصادر والأدوات الثقافية .
لقد أخذ فيجوتسكي عن الأفكار الكبيرة بما في ذلك طبيعة الوعي ، والوحدة الأساسية للتحليل النفسي ، والعلاقات الداخلية للوظائف العقلية لإيجاد خبرات متكاملة للتفكير وتكامل الفكر والسلوك ، فقد قاوم فيجوتسكي الميول نحو مايعرف بالاختزالية
ومن خلال تقديم المفهوم لمنطقة التطور القريبة فقد قدم فيجوتسكي طريقة جديدة لفهم العلاقة بين التعلم والتطور ، فالطفل يملك العمر العقلي الحالي ، والعمر العقلي المحتمل ، ومن خلال عملية التعلم تتقدم مفاهيم الطفل عن الموضوع وبالتالي تعزيز مستويات جديدة من التطور المعرفي .
إن رؤية فيجوتسكي لدور التعليم في التطور هي اكتساب الشعبية ضمن الحلقات التربوية حيث يتمتع الطفل بحافز داخلي قوي نحو التجربة والاستكشاف ، وعلى أية حال ، فوفقاً لفيجوتسكي فإن الاهتمام الجوهري للطفل وفضوله لن يكونا كافيين لتعلم نطاق المعرفة المطلوب للأداء في حياة الكبار ، وما هو أكثر من ذلك ، من أجل أن يكتسب الطفل المعرفة العلمية ، فهو يحتاج لأن يتعلم عن الأدوات المنهجية والإجراءات الخاصة بثقافتهم ، ويعطي مفهوم فيجوتسكي عن منطقة التطور القريب دورا خاصا للمعلمين لكي يوجهوا الأطفال إلى مستويات جديدة أكثر تعقيدا للعمل بإعطائهم الكمية الصحيحة من المساعدة في الوقت المناسب .
فقد عمل فيجوتسكي على تكريس نفسه لتحليل التطور ، حيث صممت العديد من عروضه التجريبية لحث ظهور القدرات العقلية الجديدة من أصولها المبكرة إلى مستوياتها الأكثر تقدما ، والمطلعة ثقافيا ، وعمل على تصميم التجارب التي فكر أنها سوف تقدم الفرصة للتعلم وللتطور لأولئك الأطفال المشاركين في تلك التجارب ، ولا شك أن عمله مع الثقافات التقليدية ومع الأطفال الذين كانوا متأخرين تنمويا ، واهتمامه في البحث في الرئيسيات حافظ على التركيز في وصف وتفسير وتحول القدرات من نماذج منخفضة إلى نماذج أعلى .
لقد كان التركيز في العديد من النظريات الإنمائية على تعريف المبادئ العامة أو نماذج النمو ، ومن خلال التركيز على قدرة الطفل على التكيف مع مواقع محددة ، والطبيعة الثقافية القائمة للتفكير واللغة ، أكد فيجوتسكي على التنوع في التطور ، وهي الفكرة التي أصبحت وبشكل متزايد متكاملة مع دراسة التطور وتطبيقه على التعليم ، وأصبح الاعتبار للتنوعات في نماذج التعلم ، ومعدلات التطور ، ونماذج الذكاء والمزاج بارزا بشكل متزايد في دراسات المعرفة ، وعلى نحو مماثل ، أصبح التقدير للتباينات في استراتيجيات التعلم ، والمهام والقيم الثقافية والسياقات للتعلم أولوية في فهم العملية التربوية .
أخيرا من المتوقع أن معنى السلوك قد يختلف بالاعتماد على الموقع الذي يتم فيه السلوك ، وهذا التأكيد على سياق محدد يمنح الطفل الفضل في كشف توقعات الآخرين ضمن الموقع والثقافة ، والذي من شأنه أن يعمل على تشجيع نماذج محددة من السلوكيات في مواقع محددة .

نقاط الضعف:
فيجوتسكيي كان منتجا بدرجة كبيرة في فترة زمنية قصيرة، تمكن من اكتشاف العديد من الأفكار هو وطلابه ولكن لم يتوفر لديه الوقت لتطويرها. يرجع جزء من السبب في ذلك إلى وفاته الغير متوقعة، وجزء آخر بسبب قمع أفكاره. ونتيجة لذلك عادت للظهور في وقت لاحق من القرن العشرين في ترجمة جزئية، ودون وجود أدلة تجريبية أو تجارب كافية لدعمها.
مفهوم منطقة النمو الأدنى، والذي كان المفهوم الأكثر قبولا في نظريته، وجهت لها انتقادات على عدة جبهات. يقدم المفهوم إطار عمل لتصور الترابط بين التعلم والتطور، وكيف بإمكان التعليم أن يدفع بعجلة التطور. ويشير البناء إلى الحيز المادي أو المسافة التي يمكن قياسها. قد يفكر الشخص بالتطور كحركة عبر المنطقة، من منطقة الدخول حيث للطفل المقدرة على حل المشاكل الأكثر صعوبة لوحده، إلى المنطقة التي يصبح فيها الطفل قادر على حل المشاكل الصعبة بمساعدة شخص آخر. الحدود العليا للمنطقة هو مستوى صعوبة المشاكل التي يكون الطفل قادر على حلها بمساعدة الآخرين. في مرحلة ما ينتقل الطفل إلى منطقة جديدة، حيث يمكنه الآن أن يحل المشاكل التي تم حلها مرة واحدة بمساعدة الآخرين بشكل مستقل، وتبدأ العملية مرة أخرى.
هناك العديد من التعريفات لهذه المنطقة نتيجة عدم الاتفاق حول طرق تفعيل هذه الفكرة. السؤال الرئيسي هو كيف يجب أن تبنى السمة الاجتماعية للمنطقة. تركز بعض التفسيرات على الفرق بين ما يمكن للطفل أن يقوم به لوحده وما قد يقوم به مع بعض المساعدة. وبعض التفسيرات تركز على الفرق بين المعرفة اليومية للطفل وبين المعرفة العلمية أو المعرفة الناضجة المتواجدة في الثقافة. والبعض الآخر من التفسيرات تركز على مقدرة الفرد وعلى المعرفة المبنية اجتماعيا للمجتمع الأكبر.
(lave & Wenger,1996)
يختلف اتساع المنطقة أي إلى أي بعد يستطيع الطفل أن يتقدم مع المساعدة مع اختلاف أنواع المشكلات واختلاف الفروقات بين الأطفال. لم يقدم المفهوم توجيه أو إرشاد إلى كمية المساعدة التي يجب تقديمها؟ وما نوع المساعدة التي يجب أن يقدمها الشخص؟ لتسريع الحركة في المنطقة. ومن غير الواضح إذا ما كان هناك انتقال لاثر التعليم بمجرد تقديم المساعدة لمرة واحدة ومن ثم إزالتها. أو إذا كان لأحد أن يتوقع تحسنا في المنطقة والقدرة على تعميم التعليم في موقف واحد إلى مواقف أخرى. أخيرا يدخل الأطفال المنطقة بمستويات مختلفة من الخبرة، ربما يوجد هناك مساحة أكبر لنمو الأطفال الذين هم في مستوى البداية أو المبتدئين مقارنة مع الأطفال الذين هم أكثر تقدما في كفاءتهم. لم يتوصل الباحثون في هذا المجال إلى طريقة لإنشاء منطقة النمو الأدنى أو طريقة لقياس الحركة أو التقدم في المنطقة.
ركز فيجوتسكي بشكل رئيسي على دور الأداة الثقافية للكلام في تشكيل العمليات العقلية. قد ينظر بعض علماء المعرفة إلى هذه المجادلة على أنها تفسير مبالغ به للطريقة التي يتفاعل بها الحديث مع التفكير. كما يشير عمل فيجوتسكي إلى غياب الوعي أو الإدراك المعرفي، فهناك جوانب متكاملة للأداء العقلي العالي الذي يتم تنظيمه بوعي بواسطة اللغة.
لقد تطورت النظرية في سياق الفلسفة الاجتماعية/السياسية للماركسية القوية، وعلى هذا النحو فقد ركزت على أن العقل قد ولد من جراء المشاركة في المجتمع.
قال فيجوتسكي أنه وزملاؤه أرادوا تغيير تفكير المواطنين من الإقطاعية (الأسياد والعبيد) عقلية العجز والاغتراب إلى عقلية اشتراكية من النشاط والتوجيه الذاتي، والالتزام في وحدة اجتماعية أكبر على أساس تقاسم التعاون والدعم. في النظرة السوفيتية الجديدة كل شخص مسئول عن التقدم لكل المجتمع.
(Miller,2002,p.370)
لقد بنيت النظرية على افتراض أساسي أن الظروف للإنتاج الاقتصادي تؤثر على طبيعة ظروف العمل والتفاعلات الشخصية وهذه التفاعلات تؤثر على المعرفة. لقد تم ترجمة مفهوم السلع المشتركة إلى المعرفة المشتركة، مع فكرة أنها مسؤولية أولئك الذين تدربوا أو تعلموا لنقل هذه المعلومات للآخرين من أجل تقدم المجتمع. وعلى هذا النحو فإن هذه النظرية جماعية أكثر من كونها فردية في نظرتها للمعرفة. وإلى حد ما هذها يوازي التأكيد الفردي للعديد من النظريات الأخرى.
على كل حال تشير الأحداث الاجتماعية والتاريخية خلال العشرين سنة الماضية إلى أن هذا الاقتران بين هذين التقليديين ، الفلسفة الماركسية وعلم المعرفة قد تصدع. فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي ظهر أن العديد من التقاليد التي بقيت عميقة والتقاليد الثقافية الفرعية والقيم التي تم حظرها لعدة أجيال عادت للظهور إلى السطح. إن التعليم والتدريب والتنشئة الاجتماعية للاتحاد السوفيتي لم تنجح في ان تصبح داخلية أو مستوعبة بالكامل كما كانت تتوقع. لقد وضع فيجوتسكي الكثير من الثقة على استعداد المعلمين والآباء لتشجيع حركة التفكير في المنطقة من خلال التشجيع البسيط والتلميحات بدلا من الإصرار على طريقة محددة في حل المشكلات. تبدو النظرية ساذجة في افتراض أن الأفراد القوية في المجتمع سوف تتقاسم طوعا المحتوى الكامل لمعارفهم من اجل تشجيع النهوض لجميع أبناءها.النظرية تقلل من استعداد المجتمعات على توصيل منظومات القيم المتعددة والتي تظل جزءا من قاعدة معرفية بديهية ولم يتم استبدالها بقاعدة معرفية أكثر رسمية وعلمية لأولئك الذين في السلطة. كذلك قللت النظرية من مساهمة العقل الفردي الذي قد يحقق الدرجة الأكبر من الاستقلالية عن القيم المجتمعية والتعاليم ما أن يتم إتقان أدوات اللغة والمصادر الرمزية الأخرى.

المفاهيم الرئيسية

الأدوات الثقافية
الحديث الداخلي
التشريب الداخلي
عمليات عقلية داخلية
عمليات عقلية خارجية
ماوراء المعرفة
التعلم بوساطة
التعلم النظري
العلامة او الاشارة
الاجتماعية التاريخية
التحليل الثقافي الاجتماعي
مفاهيم علمية
مفاهيم طبيعية
الرمز
الكلمة
منطقة النمو الادنى




هناك تعليق واحد: